للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقدمت قوات الأحنف تتساقط أمامها مدن خراسان، فاحتلت الطبسين وهراة، ومرو ونيسابور، وتطارد يزدجرد حتى تلجئه إلى الهرب إلى خاقان -ملك الترك في ما وراء النهر١.

وقد صور الشعر هذه الوثبات الجريئة لجند الأحنف في خراسان، فقال ربعي بن عامر أحد جنده البواسل:

ونحن وردنا من هراة مناهلا ... رواء من المروين إن كنت جاهلا

وبلخ ونيسابور قد شقيت لنا ... وطوس ومرو قد أزرن القنابلا

أنخنا عليها كورة بعد كورة ... نفضهم حتى احتوينا المناهلا

فلله عينا من رأي مثلنا معا ... غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا٢

وأيقن أمراء المقاطعات بانتهاء سلطان يزدجرد فتخلوا عنه. وبعد سلسلة التنقلات التي قام بها قتل في مرو، فسقطت أسرة آل ساسان، وصور أبو بجيد -أحد الفاتحين- هذه النهاية بقوله:

ونحن قتلنا يزدجرد ببعجة ... من الرعب إذ ولى الفرار وغارا

غداة لقيناهم بمور تخالهم ... نمورًا على تلك الجبال ونارا

قتلناهم في حربة طحنت بهم ... غداة الرزيق إذا أراد جوارا

ضممنا عليهم جانبيهم بصادق ... من الطعن ما دام النهار نهارا

فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لغادت عليهم بالرزيق بوارا٣

وكان المسلمون قد بلغوا في تعقبهم ليزدجرد إلى حدود النهر، ولم يكن عمر يرى الانسياح فيما وراءه، كما كان شأنه يوم أراد الاكتفاء بالعراق، وتمنى لو أن يبين السواد والجبل سدا يفصل بين العرب والفرس، حتى أقنعه الأحنف بتأمين تخوم العراق والسواد٤.


١ ياقوت ج١، ص٤٠٩.
٢ ياقوت ج٢، ص٤١١.
٣ ياقوت ج٢، ص٧٧٧.
٤ الطبري ج٥ ص٢٥٦١.

<<  <   >  >>