للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنا لحلالون بالثغر نحتوي ... ولسنا كمن هر الحروب من الرعب

منعناهم ماء البحيرة بعدما ... سما جمعهم فاستهولوه من الرهب١

واتجه أبو عبيدة بعد ذلك مع خالد بن الوليد إلى الشام؛ حيث التقوا بجيشين للروم، عليهما توذر البطريق وشنس، وحال الليل بين المسلمين والروم، وبيت الفريقان في انتظار الصبح، وعند الفجر نظر خالد فلم يرَ توذر ولا جنده، فأيقن أنه يريد دمشق، فطار في أثره، وكان يزيد بن أبي سفيان قد علم بمقدمه فخرج إليه أمام دمشق، وجاءه خالد من خلفه، فحصر بين المسلمين حتى قضوا عليه وعلى جنده.

وعاد خالد ليجد أبا عبيدة قد قضى هو الآخر على شنس، وفي ذلك تروي أبيات من الرجز تصور صنع المسلمين بتوذر وشنس، وتنسب إلى خالد بن الوليد تقول:

نحن قتلنا توذرا وشوذرا ... وقبله ما قد قتلنا حيدرا

نحن أزرنا الغيضة الأكيدرا٢

وانطلق المسلمون بقيادة أبي عبيدة شمالي الشام فحاصروا حمص شتاء كاملًا، ظل الروم أن البرد سيهلكهم فيه، لكنهم تراجعوا إلى الصلح، وتوالت الفتوح، ودخل المسلمون قنسرين وحلب وأنطاكية حصن المسيحية الحصين ودانت لهم الجزيرة، وصالحت الرها ونصيبين وأرمينية٣.

وعجب ألا يكون لهذه الفتوح صدى في الشعر برغم تعددها، وطول المدة التي استغرقتها وبرغم الفرص المتاحة في الحصار وفراغ الجند، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن معظم هذه البلاد قد فتح صلحًا.

وتقدم المسلمون في جنوب الشام ففتحوا أجنادين بعد معركة عنيفة، قتل فيها ثمانون ألفًا من الروم، وفر الأرطبون قائدهم إلى بيت المقدس، وصور زياد بن حنظلة فراره فقال:


١ الإصابة ج٢، ص٢١٩.
٢ الطبري ج٥، ص٢٣٩٠.
٣ الطبري ج٥، ص٢٠٥٧.

<<  <   >  >>