للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن تركنا أرطبون مطردًا ... إلى المسجد الأقصى وفيه حسور

عشية أجنادين لما تتابعوا ... وقامت عليهم بالعراء نسور

عطفنا له تحت العجاج بطعنة ... لها نشج نائي الشهيق غزير

فطمنا به الروم العريضة بعده ... عن الشام أدنى ما هناك شطير

تولت جميع الروم تتبع إثره ... تكاد من الذعر الشديد تطير

وغودر صرعى في المكر كثيرة ... وعاد إليه الفل وهو حسير١

وعجيب أيضًا أن يخلو شعر الفتح من تصوير غبطة المسلمين التي لا حدود لها بتسليم بيت المقدس، وما لذلك التسليم من معانٍ ودلالات بالغة القيمة في انتصار الإسلام وسيطرته على معقل المسيحية ومهبطها، ولما لقيه المسلمون في حصارها من صنوف القسوة واستماتة الروم وعصف المجانيق، وكل ما نجده أبيات قليلة، تصور مبارزة حدثت بين أرطبون وأحد جند المسلمين يدعى عبد الله بن سبرة، فبينما عبد الله يقتله قطع أرطبون أصابع يده بضربة من سيفه، فقال عبد الله:

فإن يكن أربطون الروم أفسدها ... فإن فيها بحمد الله منتفعا

بنانتان وجرموز أقيم به ... صدر القناة إذا ما آنسوا فزعا

وإن يكن أرطبون الروم قطعها ... فقد تركت بها أوصاله قطعا٢

وسقطت الشام العريضة في أيدي المسلمين، وألقت إليهم بخيرات أرضها، وبعيش خصيب لا يعد مآكله، كما عبر عن ذلك زياد بن حنظلة حيث قال يتذكر فتح الشام في عام الرمادة على ما يبدو:

تذكرت حرب الروم لما تطاولت ... وإذا نحن في عام كثير نزائله

وإذا نحن في أرض الحجاز وبيننا ... مسيرة شهر بينهن بلابله


١ ياقوت ج١، ص١٢٦.
٢ الطبري ج٥، ص٢٤٩٠، وانظر الإصابة ج٥، ص٦٠، ٩٢.

<<  <   >  >>