للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا أرطبون الروم يحمي بلاده ... يحاوره قرم هناك يساجله

فلما رأى الفاروق أزمان فتحها ... سما بجنود الله كيما يصاوله

فلما أحسوه وخافوا صواله ... أتوه وقالوا: أنت ممن نواصله

وألقت إليه الشام أفلاذ بطنها ... وعيشًا خصيبًا ما تعد مآكله

أباح لنا ما بين شرق ومغرب ... مواريث أعقاب بنتها قرامله

وكم مثقل لم يضطلع باحتماله ... تحمل عبئًا حين شالت شوائله١

ولكن الروم لم ييئسوا، فاستمالوا القبائل العربية في شمالي الشام، وأبحرت حملة بقيادة قسطنطين بن هرقل، فألقت مرساها على شاطئ أنطاكية واستولت عليها، وانضمت إليها القبائل المتمردة٢. وثار الشمال على أبي عبيدة الذي ألفى نفسه محصورًا في حمص، فراسل الخليفة يستمده، وأزمع عمر أن يسير بنفسه إلى الشام أول الأمر، ثم ما لبث أن عدل تحت إلحاح صحابته من أولي الرأي، فسير الأمداد إلى أبي عبيدة، وأفلح المسلمون في عزل القبائل العربية عن الروم؛ حيث طوقها عبد الله بن عبد الله بن عتبان، فقفلت إلى مضاربها مؤثرة السلامة٣، حيث صالحت على ما كان من صلحها قبل ذلك، فقال عبد الله يخاطب أحد زعمائهم ويؤمنه في نصيبين:

ألا من مبلغ عني بجيرا ... فما بيني وبينك من تعادي

فإن تقبل تلاقي العدل فينا ... فأنسى ما لقيت من الجهاد

وإن تدبر فما لك من نصيب ... نصيبين فيلحق بالعباد

وقد ألقت نصيبين إلينا ... سواد البطن بالخرج الشداد

لقد لقيت نصيبين الدواهي ... بدهم الخيل والجرد الرواد٤


١ الطبري ج٥، ص٢٤١٠.
٢ الدولة الإسلامية وإمبراطورية الروم ص٥٢.
٣ ابن الأثير، الكامل ج٢، ص٢٢٤.
٤ ياقوت ج٤، ص٧٨٨، ٧٨٩.

<<  <   >  >>