للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكسر المسلمون خطوط المقاومة الرومية بعد عزل القبائل عنها، فانسحبت الحملة بالهزيمة، وسجل الشعر اهتياج عمر لأبناء الثورة في شمالي الشام، وإزماعه السفر إليها فقال زياد بن حنظلة:

سما عمر لما أتته رسائل ... كأصيد يحمي صرمة الحي أغيدا

وقد عضلت بالشام أرض بأهلها ... تريد من الأقوام من كان أنجدا

فلما أتاه ما أتاه أجابهم ... بجيش ترى منه الشبائك سجدا

وأقبلت الشام العريضة بالذي ... أراد أبو حفص وأزكى وأزيدا

فقسط فيما بينهم كل جزية ... وكل رفاد كان أهنا وأحمدا١

وسجل الشعر أيضًا ذلك الحدث الجلل الذي ألم بأرض الشام وعاصر ضنك المسلمين في الحجاز، وهو طاعون عمواس المروع، الذي أهلك كثرة من المسلمين تبلغ خمسة وعشرين ألفًا، ووقف بعمر في الطريق عند سرع، بالقرب من تبوك، فرجع نزولًا على رأي الجماعة، وأعقب رجوعه اشتداد الطاعون وفتكه، فهلك جماعة من قادة المسلمين ووجوههم، كأبي عبيدة ومعاذ بن جبل وزيد بن أبي سفيان والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وغيرهم، ويروى شعر طريف في تصوير هذا البلاء وفعله في المسلمين، وإخلادهم إلى الإيمان بالقدر والجبر، كما عبر عن ذلك أحد المسلمين عندما رأى غلامًا هاربًا على حمار فقال:

لن يعجزوا الله على حمار ... ولا على ذي غرة مطار

قد يصبح الموت أمام الساري٢

وشكا بعض المسلمين من اجتماع الطاعون والطعن؛ كقول عبد الله بن سبرة:

إن أقبل الطعن فالطاعون يرصدني ... كيف التقاء على طعن وطاعون٣


١ الطبري ج٥، ص٢٤١١.
٢ الطبري ج٥، ص٢٥٢١.
٣ الإصابة ج٥، ص٦٠.

<<  <   >  >>