للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه كانت له طريقة بارعة وعجيبة في قتال الفرس؛ إذ يقاتل فارسًا ثم يقتحم عن فرسه فيربط مقوده في حقوه، فيقاتل آخر، وهكذا كان يفعل بالعدو الأفاعيل١. وأنه شد في نفر من المسلمين يضربون خراطيم الفيلة حتى بلغوا رستم فضرب فيله فجذم عرقوبيه فسقط، وسقط رستم، وحمل على فرس، لو قتل بين نفر من الفرسان تنازعوا دمه، وقال عمرو في ذلك ينسب هذا العمل إلى نفسه:

ألمم بسلمى قبل أن تظعنا ... إن لنا من حبها ديدنا

قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا

شككت بالرمح حيازيمه ... والخيل تعدو زيما بيننا٢

وعجيب أن يفعل عمرو هذه الأفاعيل، وهو طاعن في السن، حتى إنه يروي تجاوزه المائة في القادسية، وما كان من ضخامة جثته، فكان آخر قومه في عبور نهر القادسية، وفرسه تئن من ثقله٣.

وتروي بعض الروايات أنه قد استشهد بالقادسية، أو مات عطشًا بها، ولكن هذه الرواية لا تتفق وما يذكر متواترًا عن بلائه في نهاوند، وما كان من استشارته في المؤتمر الذي عقده النعمان بن مقرن للتدبر في إخراج الفرس من حصونهم، بناء على أمر الخليفة، الذي أرسل إلى النعمان: "بأن في جندك عمرو بن معديكرب، وطليحة بن خويلد، فأحضرهما، وشاورهما في أمر الحرب".

ويذكر أنه كان له رأي صائب في الخطة التي قررت، وعندما قتل النعمان، وتولى حذيفة تراجع المسلمون، ولكن عمرًا ظل يقاتل في أهل النجدات من المسلمين، إلى أن جاءه كمي القوم فاعتنقه عمرو وقتله، وأصيب بجراحة أثبتته، وفتح الله على المسلمين، فأخذ عمرو ينشد شعرا، يفخر فيه ببلائه وهو يحتضر، ودهمه الفالج أثناء ذلك فمات به، عند قرية تُدعى "روذة" من قرى نهاوند، فرثاه أحد المسلمين بقوله:


١ الأغاني ج١٤، ص٢٨.
٢ الأغاني ج١٤، ص٢٩.
٣ الأغاني ج١٤، ص٢٨.

<<  <   >  >>