للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذاته، واشتق معانيه من وحيها، وهو حينئذ إنما يفخر بنفسه من حيث هو فرد منها؛ ليعود عليها كل ما يذكر عن نفسه. فهو لا يذكر شيئًا ليبين تفرده به دون الجماعة، وإنما يعلن أنه صورة ومثل على جميع أفرادها.

فهذا عبد الله بن عتبان الذي افتتح جي من أعمال أصبهان يفتخر بنفسه في بيت واحد، ثم إذا به يرتد إلى الوجدان الجماعي؛ ليفخر بجماعة المسلمين وبلائهم فيقول:

من مبلغ الأحياء عني فإنني ... نزلت على جي وفيها تفاقم

حجزناهم حتى سروا ثم انتزوا ... فصدهم عنا القنا والصوارم

وجاد لها القاذوسقان بنفسه ... وقد دهدهت بين الصفوف الجماجم

ثم لا يلبث أن ينزع إلى تصوير ما أذاقه بيده لكبير القوم فيقول:

فثاورته حتى إذا ما علوته ... تفادى وقد صارت إليه الخزائم

ويعود إلى الوجدان الكبير فيقول:

وعادت لقوحا أصبهان بأسرها ... يدر لنا منها القرى والدراهم

ثم ينزع إلى الحديث عن نفسه كمسئول عن هذه الجماعة في تقبل جزية المهزومين فيقول:

وإني على عمد قبلت جزاءهم ... غداة تفادوا والعجاج فواقم

ويرجع إلى الحديث عن جماعة المسلمين التي استحقت النصر كلها وزكا جهادها، فيقول:

ليزكو لنا عند الحروب جهادنا ... إذا انتطحت في المازمين الهماهم١

وهذا سراقة بن عمرو الذي أرسله أبو موسى الأشعري لفتح باب الأبواب يفخر بنفسه، ثم لا يلبث أن يطلق الفخر في مجموع المسلمين، فيقول:


١ الإصابة ج٦، ص٢٦٢.

<<  <   >  >>