للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعمري وما عمري على بهين ... لقد صبحت بالخزي أهل النمارق

بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم ... يجوسونهم ما بين درتا وبارق١

وهم الأنصار فيقول أبي محجن الثقفي يوم الجسر وهم الفتية أيضًا:

مررت على الأنصار وسط رحالهم ... فقلت ألا هل منكم اليوم قافل

إلى فتية بالطف نيلت سراتهم ... وغودر أفراس لهم ورواحل٢

وهم جموع المسلمين في قول عياض بن غنم:

من مبلغ الأقوام أن جموعنا ... حوت الجزيرة يوم ذات زحام٣

وهم جند الله، كما يقول زياد بن حنظلة:

وإذ أرطبون الروم يحمي بلاده ... يحاوره قرم هناك يساجله

فلما رأى الفاروق إزمان فتحها ... سما بجنود الله كيما يصاوله٤

وصدر الشعر فضلًا عن روح الجماعة بوحي من المثل الإسلامية التي طبقت في الفتوح والأمصار المفتوحة، وترى في هذا الصدد أمثلة كثيرة.

فنتيجة لتطبيق المساواة التي دعا إليها الإسلام لم يعد فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. فنجد المسلمين في فتح جند يسابور يهبون أحد العبيد بها -وكان قد أسلم من قبل- شرفًا لم يمنحوه لغيره من عظماء المدينة، فأجار مكنف هذا مواطنيه من سفك دمائهم، وكتب اسمه أمانًا لهم قبله المسلمون. فقال عاصم بن عمرو يذكر هذه الشفاعة وما تدل عليه من معانٍ:

لعمري لقد كانت قرابة مكنف ... قرابة صدق ليس فيها تقاطع

أجارهم من بعد ذل وقلة ... وخوف شديد والبلاد بلاقع


١ ياقوت ج٤، ص٥٣٢.
٢ أغاني الساسي ج٢١/ ١٤١.
٣ البلاذري ص٢٥١، ياقوت ج٢/ ٧٤.
٤ الطبري ١/ ٥/ ٢٤١١.

<<  <   >  >>