للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقريب من أمر هاتين المقطوعتين أبيات من الرجز قيلت في طاعون عمواس، نسبت إلى غلام أعجمي، تغنى بها خلف رجل عزم على الرحيل فرارًا من الطاعون، فقال له:

يأيها المشعر هما لا تهم ... إنك إن تكتب لك الحمى تحم١

وتغنى آخر خلف غلام هرب من البصرة من الطاعون على حمار، فإذا بمن يحدو به:

لن يعجزوا الله على حمار ... ولا على ذي غرة مطار

قد يصبح الموت أمام الساري٢

ونعجب كثيرًا أن يكون الحادي أعجميًّا، ونرجح أن ذلك من فعل الرواة والقصاصين، الذين أرادوا الإغراب في كل شيء؛ حتى لينطقوا الأعاجم بهذه الآراء القدرية التي شاعت بين المسلمين.

أما اللون الآخر من الشعر الذي لا ينسب إلى قائل معين، فهو شعر المغمورين، الذين لم يعن الرواة بتدوين أسمائهم لضعف شأنهم في الشعر، وكونهم من عامة الجند، وهو شعر كثير، ومعظمه في تصوير بلاء المسلمين، مثل قول الشاعر:

صبحنا بالكتائب جمع بكر ... وحيا من قضاعة غير ميل

أبحنا دارهم والخيل تردى ... بكل سميدع سامي التليل٣

أو تصوير قسوة المعارك، كما يبدو من قول أحد المسلمين:

يارب مهر حسن مطهم ... يحمل أثقال الغلام المسلم

ينجو إلى الرحمن من جهنم ... يوم جلولاء ويوم رستم

ويوم زحف الفارس المقدم ... ويوم لاقى ضيعة مهزم

وخردين الكافرين للفم٤


١ الطبري ج٥/ ٢٥٢١.
٢ نفس المرجع.
٣ البلاذري ٢٤٩.
٤ الطبري ٥/ ٢٤٧٢.

<<  <   >  >>