للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو: "طويل القامة، يرتفع في الجو مترين، ثقيل الحجم، يزن قنطارين، صلب العظام، قوي العضل. مهيء بهذا كله فيما تقول بعض الصحف الإنجليزية للقاء المعضلات، واجتياز العقبات، وتذليل المصاعب والخروج من الخطوب"١, ثم يقابل بين هذه الصورة "التي لا تخلو من قوة وطرافة، وبين ما تنتظر أو ما تريد أن يأتيه المندوب السامي الجديد من العمل السياسي في مصر"٢.

ويخلص من هذه المقابلة إلى نمذجة المقاومة المصرية في الشعب المصري الذي "جرَّبَ الطوال والقصار، والخفاف والثقال من المندوبين الساميين"٣, ولكن "عنف العنيف لم يخف هذا الشعب، ولم يصرفه عن حقه, ولين اللين لم يخدع هذا الشعب، ولم يلهه عن حقِّه، وإنما ثبت الشعب للرجلين جميعًا؛ أو للرجال جميعًا, ومضى الشعب يطالب باستقلاله لا يضعف عن المطالبة"٤.

كما يصوِّرُ نموذجًا نضاليًّا لمصر "الكلمة في حياة الأمم والأجيال منذ عشرات القرون قبل أن يعرف غيرها من الشعوب معنى كلمة الأمم والأجيال، بل قبل أن يعرف التاريخ غيرها من الشعوب بزمن طويل"٥, وأهل"مصر الآن كما كانوا من قبل يعرفون معنى الحرية والاستقلال, ويقدِّرون قيمة العزة والكرامة، ويحرصون أشدَّ الحرص على أن يكونوا أحرارًا مستقلين, ويجدّون أشد الجدِّ في أن يكونوا أعزة كرامًا"٦.

ويتوسَّلُ طه حسين في نمذجته الصحفية بما يسميه المرحوم سيد قطب "الاستعراض التصويري"٧، حيث يستخدم الكلمات والجمل في تصوير المناظر والحوادث والمعاني، والخطرات النفسية والآراء السياسية والالتفاتات الذهنية على السواء, وتلك ميزته "الكبرى كصاحب شخصية أدبية وصاحب مذهب فني كذلك"٨. على أن هذه الميزة في المقال الصحفي تُسْتَخْدَمُ استخدامًا وظيفيًّا في النمذجة الصحفية لأسباب خارجية أهمها التبسيط للجماهير٩, ولذلك يتوسَّل في هذه النمذجة بالإحساس الفني وليس بالخيال، كما في النمذجة الأدبية، كما نجد في نمذجته لمقاومة الشعب المصري للمحنة الدستورية والسياسية في إطارٍ من سياق حركة الأحداث١٠, ومن ذلك قوله عن سخرية المصريين١١:


١، ٢، ٣ كوكب الشرق في ٢٠ أغسطس ١٩٣٣.
٤ المرجع نفسه.
٥، ٦ كوكب الشرق في ١٤ سبتمبر ١٩٣٣.
٧، ٨ سيد قطب: كتب وشخصيات ص١١٠، ١١١.
٩ الدكتور إبراهيم إمام: مرجع سبق ص٤٦.
١٠، ١١ كوكب الشرق في ٢٥ مارس ١٩٣٣.

<<  <   >  >>