واستخلاص الدلالات في نسق خاص، بحيث تكون كل دلالة منها مسبوقة بمعظم الدلالات التي تستند إليها، وسابقة لجميع الدلالات التي تستند إليها, ويسلمنا هذا الفهم إلى الاتجاه الثالث:
٣- انتقاء زوايا محددة من "الجديد" الناشئ عن مقابلة "النبأ الجديد", بالحالة الخبرية العامة السابقة عليه:
ويقوم هذا النمط التحليلي في مقال طه حسين على قواعد "هداية الذهن" عند ديكارت, وفي مقدمة هذه القواعد ما يسميه:"قاعدة التحليل"؛ ففي كل مسألة معقَّدَة يجب البحث عن الأفكار السيطة التي تكون "مطلق الموضوع", والتي تؤدي إلى تحليل هذا المطلق. ولكي تصل إلى هذه النتيجة يجب علينا تحليل المسألة المعقدة إلى مسائل أبسط، ولذلك يقوم المقال التحليلي عند طه حسين على انتقاء زوايا محددة من "الجديد" الناشئ عن مقابلة "النبأ الجديد" بالحالة الخبرية العامة السابقة عليه، وتحليل هذه الحالة الأخيرة إلى مسائل أبسط منها أيضًا، وبهذا يتمكَّن التحليل الصحفي عند طه حسين من استخلاص الدلالات التي تبدو بسيطة, ولا يمكن أن تحلل إلى أبسط منها، وهي التي تكون أساس كل تلك الدلالات، ويمكن أن نجد في نموذج التحليل الاستقرائي المتقدم، نمطًا مشابهًا لهذا التحليل الصحفي عند طه حسين، ولا يختلف النمط السابق عن النمط الجديد إلا في "انتقاء زوايا محددة من "الجديد"، وفي حين أن النمط السابق يقابل النبأ الجديد بالحالة الخبرية الملازمة له زمنيًّا، أو السابقة عيه, ومن ذلك النمط الاستقرائي في التحليل الصحفي نجد مقالًا لطه حسين بعنوان: "التبعة الكبرى! "١ يحلل فيه "زوايا محددة" ينتقيها من "نبأ" انفصال سوريا عن مصر, "ونقض" الوحدة دون استفتاء للشعب السوري ودون إيذان لمصر" عن طريق مقابلة هذه الزوايا المنتقاة من النبأ بالحالة الخبرية العامة السابقة عليه والمتصلة الوجود، كما يبين من هذا النموذج الاستقرائي في التحليل:
ثم يتوسَّل طه حسين بعد ذلك بقاعدة أخرى من قواعد المنهج الديكارتي, ونعني قاعدة التأليف التي تلي تحديد الأفكار والبديهيات والمقدِّمات الضرورية للاستدلال، وهي الأشياء التي يعتمد عليها المقال التحليلي، فيذهب في مقاله على نحو ما يفعل علماء الهندسة، حين يضع أولًا الأفكار أو الدلالات البسيطة التي يستخلصها التحليل الصحفي، ثم يذهب من البسيط إلى المعقد، من