للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتعاطون فقهاؤهم عضل المسائل أولئك شرار أمتي"١، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكره المسائل ويعيبها٢، وعن ابن مسعود: عسى رجل أن يقول: إن الله أمر بكذا ونهى عن كذا، فيقول الله له: كذبت٣، وعن يحيى بن سعيد قال: كان ابن المسيب٤ لا يفتي فتيا إلا قال: اللهم سلمني وسلم مني٥، وقال الشافعي: ما رأيت أحدا جمع الله فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة، وما رأيت أسكت منه على الفتيا٦، وعن مالك أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب٧، وسئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل: مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس من العلم خفيف، أما سمعت قول الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥] فالعلم كله ثقيل٨، وسئل الإمام مالك عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري٩، وسئل الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- عن تسع مسائل فقال فيها: لا أدري! ١٠ وهي: ما الدهر فيما إذا حلف لا يكلم فلانا الدهر؟ ومحل


١ ضعيف الجامع الصغير ٤٨٦، وقال الألباني عنه: "ضعيف جدا".
٢ جامع بيان العلم ٢/ ١٠٥٦-١٠٥٧.
٣ مجمع الزوائد ١/ ١٧٧، والمعجم الكبير ٩/ ٢٠٤.
٤ هو أبو محمد، سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي: سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان يعيش من التجارة بالزيت، لا يأخذ عطاء، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سمي راوية عمر، توفي بالمدينة سنة٩٤هـ. وفيات الأعيان ٢/ ٣٧٥، والسير ٤/ ٢١٧.
٥ التاريخ الكبير ٣/ ٥١١، وتهذيب الكمال ١١/ ٧٢، وتهذيب الأسماء ١/ ٢١٣.
٦ الإرشاد للقزويني ١/ ٣٦٨، وكتاب الفقيه والمتفقه ٢/ ١٦٦.
٧ الموافقات ٤/ ٢٨٦، وآداب الفتوى ١/ ١٦.
٨ الموافقات ٤/ ٢٨٩، وآداب الفتوى ١/ ١٦.
٩ القرطبي ١/ ٢٨٦، الموافقات ٤/ ٢٨٨.
١٠ حاشية ابن عابدين ٣/ ٨٠٠-٨٠١.

<<  <   >  >>