للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للكتاب الذي يرام النفع به، قال عروة بن الزبير١ لابنه هشام٢ رضي الله عنهم: كتبت؟ قال: نعم، قال: عرضت كتابك؟ أي على أصل صحيح، قال: لا، قال: لم تكتب٣، وقال الإمام الشافعي ويحيى بن أبي كثير: من كتب ولم يعارض -أي يقابل- كمن دخل الخلاء ولم يستنجِ٤، وإذا صحح الكتاب بالمقابلة على أصل صحيح أو على شيخ، فينبغي أن يعجم المعجم، ويشكل المشكل، ويضبط الملتبس، ويتفقد مواضع التصحيف٥، أما ما يفهم بلا نقط ولا شكل فلا يعتنِ به لعدم الفائدة، فإن أهل العلم يكرهون الإعجام والإعراب إلا في الملتبس والمشتبه، ومن كلام بعض البلغاء: أعجام الخط يمنع من استعجامه، وشكله من إشكاله٦، وقال بعضهم: رب علم لم تعجم فصوله، فاستعجم محصوله٧، وقيل: ينبغي الإعجام والشكل للمكتوب كله المشكل وغيره لأجل المبتدئ في ذلك الفن، وصوبه القاضي عياض؛ لأن المبتدئ لا يميز ما يشكل مما لا يشكل٨، ولا صواب الإعراب من خطئه، ولأنه ربما يكون الشيء واضحا عند قوم مشكلا عند آخرين، بل ربما يظن لبراعته المشكل واضحا، ثم قد يشكل عليه بعد، وربما وقع النزاع في حكم مستنبط من حديث يكون


١ هو أبو عبد الله، عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي: أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان عالما بالدين، صالحا كريما، لم يدخل في شيء من الفتن، وانتقل إلى البصرة، ثم إلى مصر، وعاد إلى المدينة، فتوفي بها سنة ٩٣هـ. السير ٤/ ٤٢١.
٢ هو أبو المنذر، هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي: تابعي، من أئمة الحديث، من علماء المدينة ولد وعاش فيها، وزار الكوفة، ودخل بغداد، وتوفي فيها سنة ١٤٦هـ. تاريخ بغداد ١/ ٣٧، والسير ٦/ ٣٤.
٣ أدب الإملاء والاستملاء ٧٩، والجامع لأخلاق الراوي ١/ ٤٢٨، وجامع بيان العلم ١/ ٧٧.
٤ أدب الإملاء والاستملاء ٧٨-٧٩، والجامع لأخلاق الراوي ١/ ٤٢٨، وجامع بيان العلم ١/ ٧٧.
٥ الدر النضيد "مجلة معهد المخطوطات" ١٧٢.
٦ الدر النضيد ١٧٢.
٧ الدر النضيد ١٧٢.
٨ الدر النضيد ١٧٢.

<<  <   >  >>