للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكل شيء تشتهيه طلاوة ... مدفوعة إلا عن المدفوع

وانظر إرشاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلطفه مع الأعرابي الذي بال في المسجد١، ومع معاوية بن الحكم٢ لما تكلم في الصلاة٣ فإن انزجر لذكائه بالإشارة فذاك، وإلا نهاه سرا، فإن لم ينته نهاه جهرا، ويغلظ القول عليه إن اقتضاه الحال لينزجر هو وغيره، ويتأدب به كل سامع، فإن لم ينته فلا بأس حينئذ بطرده والإعراض عنه إلى أن يرجع، وكذلك يتعهده بإفشاء السلام وحسن التخاطب في الكلام، وبالجملة فكما يعلمهم مصالح دينهم، لمعاملة الله يعلمهم مصالح دنياهم، لمعاملة الناس ليكمل لهم فضيلة الحالتين، وبالله التوفيق.

ومن ذلك ألا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين لهم القول، ويتواضع لهم، قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥] وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله أوحى إلَيَّ أن تواضعوا" ٤، والأحاديث في التواضع ولين الجانب كثيرة٥، وهذا التواضع لمطلق الناس، فكيف بهؤلاء الذين كأولاده مع


١ البخاري ١/ ٤٤، ٥/ ٢٢٤٢ و٢٢٧٠، ومسلم ١/ ٢٣٦، وفتح الباري ١/ ٣٢٣ و٣٥٩، ٧/ ٤٩، ١٠/ ٤٣٩، ٤٤٩، ٥٢٥، ١١/ ٣٦٣، وتحفة الأحوذي ١/ ٣٩٢، وشرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ١٩٠.
٢ هو معاوية بن الحكم السلمي: صحابي، يعد في أهل الحجاز، سكن المدينة. الاستيعاب ترجمة ٢٤٦٢، وأسد الغابة ترجمة ٤٩٨١، والإصابة ٦/ ١١٨.
٣ أي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" انظر الخبر في الإصابة ٦/ ١١٨.
٤ حديث حسن، رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، عن عياض بن حمار، انظر سلسلة الصحيحة ٥٧٠، وصحيح الجامع الصغير ١٧٢٥، وانظر أيضا شعب الإيمان ٥/ ٢٨٥ و٦/ ٢٧٤، وحلية الأولياء ٢/ ١٧.
٥ التذكرة الحمدونية ٣/ ٩٢، والمستطرف في كل فن مستظرف ١/ ٤٠٠، ولباب الآداب ٢٥١ و٢٥٢ فما بعد، ومحاضرات الأدباء ١/ ٢٦٢، وتذكرة السامع والمتكلم ص٦٤، ٦٥.

<<  <   >  >>