للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملازمتهم واعتمادهم عليه في طلب العلم، ومع ما هم عليه من حق الصحبة، وحرمة التردد، وشرف المحبة، وصدق التودد، وفي الخبر عنه صلى الله عليه وسلم: "علموا ولا تعنفوا؛ فإن المعلم خير من المعنف"١، وعنه صلى الله عليه وسلم: "لِينُوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه"٢.

ومن ذلك أن يوقر طلبته ويعظمهم، ويحسن خُلقه معهم، ويرحب بهم إذا لقيهم، ويعاملهم بالبشاشة وطلاقة الوجه، ويحسن إليهم بعلمه وماله وجاهه بحسب التيسير، وينبغي٣ أن يخاطب كلا منهم -لا سيما الفاضل للتمييز- بكنيته ونحوها من أحب الأسماء إليه، وما فيه من تعظيم وتوقير.

ففي الخبر عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكني أصحابه إكراما لهم٤، وجاء كثيرا مخاطبته لأبي بكر -رضي الله عنه- بالصديق٥ فإن ذلك ونحوه أشرح لصدورهم، وأبسط لسؤالهم، وكان البويطي٦ يدني القراء ويقربهم إذا طلبوا العلم، ويعرفهم فضل الشافعي، وفضل كتبه، ويقول: كان الشافعي يأمر بذلك ويقول: اصبروا للغرباء وغيرهم من التلاميذ٧، وقيل: كان أبو حنيفة أكرم الناس مجالسة وأشدهم إكراما لأصحابه٨، وإذا غاب أحدهم غيبة زائدة عن


١ حديث ضعيف، كما نص على ذلك الشيخ الألباني في سلسلة الضعيفة ٢٦٣٥، وضعيف الجامع الصغير ٣٧٣١.
٢ رواه أبو داود في سننه بمعناه ٢/ ١٩٠. وانظر الفردوس بمأثور الخطاب ١/ ٧٩.
٣ تذكرة السامع ٦٥.
٤ تذكرة السامع ٦٥.
٥ سبل الهدى والرشاد ١١/ ٢٥٤.
٦ هو أبو يعقوب، يوسف بن يحيى القرشي، البويطي: صاحب الإمام الشافعي، وواسطة عقد جماعته، قام مقامه في الدرس والإفتاء بعد وفاته، وهو من أهل مصر، حُمل إلى بغداد في محنة خلق القرآن محمولا على بغل، مقيدا، وسجن بسبب ذلك، ومات في سجنه ببغداد سنة ٢٣١هـ. تاريخ بغداد ١٤/ ٢٩٩، وطبقات السبكي ٢/ ١٦٢.
٧ تذكرة السامع ص٦٦.
٨ تهذيب الأسماء ٢/ ٥٠٦.

<<  <   >  >>