للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الحزين الكناني «١» مع قوم من أهل المدينة يقامر، فقمر ثيابه، فكان عرياناً في جانب البيت، وكانوا بالعقيق، فبيناهم كذلك إذ أقبل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، فقال الحزين: أعطوني ثوباً حتى ألقاه، فلعله يخلف علي ثيابي، فما أمنوه حتى تبعه رجلٌ يمسك بطرف رداء أعاروه «٢» إياه، فقال له:

أَقُولُ لَهُ حِينَ وَاجَهْتُهُ: ... عَليْكَ السلاَمُ أَبَا جَعْفَرِ

قال: وعليك السلام، فقال:

فَأَنْتَ المُهَذبُ مِنْ هَاشِمٍ ... وَفِي البَيْتِ مِنْهُ الذِي يُذْكَرُ

فقال: كذبت! ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

فَهَذِي ثِيَابِيَ قد أَخْلَقَتْ وَقَدْ عَضني زَمَنٌ مُنْكَرُ قال: فثيابي لك بها، وانصرف حتى أتى منزله، وبعث إليه بثيابه التي كانت عليه.

قال أبو الحسن المدائني: كان لبيد بن ربيعة «٣» لا يمر به يومٌ إلا أراق فيه دماً، وكان يفعل ذلك إذا هبت الرياح، وربما ذبح العناق إذا أضاف، فصعد الوليد بن عقبة المنبر وقد هبت الرياح، فقال: أعينوا أبا عقيل على مروءته، وبعث إليه بمائة ناقةٍ، فلما جاءته قال لابنته: أجيبيه عني، وكان لبيدٌ قد ترك قول الشعر، فقالت ابنته:

إِذَا هَبتْ رِيَاحُ أَبِي عَقِيلٍ ... دَعَوْنَا عِنْدَ هَبتِهَا الوَلِيدَا