للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: نيران علي غضبى «١» - يعني جاريةً كانت «٢» لبعض النخاسين ببغداد، وكانت إحدى المحسنات، وكانت بارعة الجمال، ظريفة اللسان، وكان قد أفرط في حبِّها، حتى عرف بها «٣» -: فقلت له: ما تحبُّ؟ قال: تجعل طريقك على مولاها، فانه سيخرجها «٤» إليك، فاذا فعل دفعت رقعتي هذه إليها، ودفع لي رقعةً فيها «٥» :

«ضَيَّعْتِ عَهْدَ فَتًى لِعَهْدِكِ حَافِظٍ ... فِي حِفْظِهِ عَجَبٌ وَفِي تضْيِيعِكِ

ونَأَيْتِ عَنْهُ فَما لهُ مِنْ حِيلَةٍ ... إلاَّ الْوُقُوفُ إِلَى أَوَانِ رُجُوعِكِ

مُتَخَشِّعاً يُذْرِي عَلَيْكِ دُمُوعَهُ ... أَسَفاً وَيَعْجَبُ مِنْ جُمُودِ «٦» دُمُوعِكِ

إِنْ تَقْتُلِيهِ «٧» وتذْهَبي بِفُؤَادِهِ ... فَبِحُسْنِ وَجْهِكِ لاَ بحُسْنِ صَنيعِكِ»

فقلت له: [نعم] أنا أتحمل هذه الرسالة، وكرامةً، على ما فيها، حفظاً لروحك عليك؛ فإني لا آمن أن يتمادى بك هذا الأمر. فأخذت الرقعة، وجعلتُ طريقي على منزل النخَّاس، فبعث للجارية «٨» : اخرجي، فخرجت، فدفعت إليها الرقعة، وأخبرتها بخبري، فضحكت، ورجعت «٩» الى الموضع الذي خرجت منه، فجلست جلسةً خفيفةً، ثم إذا بها قد وافَتْني ومعها رقعة فيها: