للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الله، حين أرسله لمحاربة الضحاك بن قيس الشيباني رأس الخوارج بالجزيرة ١٢٧هـ-٧٤٥م، وهي تدور حول ما يجب أن تكون عليه أخلاقه في سيرته الخاصة، وعلاقاته مع أفراد حاشيته من القواد والموظفين، وتنظيم الجيوش من الناحيتين: المادية والحربية، وبهذا تعتبر مقالة في السياسة وتدبير الحاشية.

وله رسالة في الشطرنج، وأخرى في الصيد، دعا فيهما إلى الاقتصاد من ممارستهما والابتعاد عنهما، بعد أن شغلا الناس في بعض الأمصار، فانصرفوا عن القيام بأمور معاشهم، والرسالتان تقتربان من المقال الحديث من حيث: عرض الموضوع، وسهولة الأسلوب، والتنبيه على أمر يشغل الناس عن الكسب والعمل.

وله رسالة إلى الكتاب تضمنت مجموعة نظم وقواعد لآداب الكتابة، وتوجيهات تتعلق بأخلاقهم وشرف مهنتهم، وتحقيق رسالتهم النبيلة، وهي تشبه المقال النقدي الحديث لموضعها الحي، وأسلوبها السهل، وخصائصها الفنية، مما يجعلها أقرب إلى المقال منها إلى الرسالة، ومما جاء فيها:

"أما بعد، حفظكم الله يأهل صناعة الكتابة، وحاطكم ووفقكم وأرشدكم، فإن الله عز وجل جعل الناس بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن بعد الملوك المكرمين -أصنافا، وإن كانوا في الخِلْقة سواء، وصرفهم١ في صنوف الصناعات، وضروب المحاولات إلى أسباب معاشهم، وأبواب رزقهم، فجعلكم معشر الكتاب في أشرف الجهات أهل الأدب والمروءات، والعلم والموازنة، بكم تنتظم للخلافة محاسنها، وتستقيم أمورها، وبنصائحكم يصلح الله للخلق سلطانهم، وتعمر بلدانهم، لا يستغني الملك عنكم، ولا يوجد كاف٢ إلا منكم.


١ صرفهم: وجههم.
٢ كاف: قادر على الأمر.

<<  <   >  >>