للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون، وأبصاركم التي بها يبصرون، وألسنتهم التي بها ينطقون، وأيديهم التي بها يبطشون، فأمتعكم بما خصكم من فضل صناعتكم، ولا نزع ما أضفاه١ من الثقة عليكم ...

فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب، وتفقهوا في الدين، وابدءوا بعلم كتاب الله عز وجل والفرائض، ثم العربية فإنها ثقاف٢ ألسنتكم، ثمهم أجيدوا الخط فإنه حلية كتابتكم، وارووا الأشعار واعرفوا غريبها ومعانيها، وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها، فإن ذلك معين لكم على ما تسمو إليه هممكم، ولا تضيعوا النظر في الحساب، فإنه قوام كتاب الخراج، وارغبوا في أنفسكم عن المطامع سنيها ودنيها، وسفاسف الأمور ومحاقرها، فإنها مزلة للرقاب، مفسدة للكتاب، ونزهوا صناعتكم عن الدنايا، واربئوا بأنفسكم عن السعاية والنميمة وما فيه أهل الجهالات".

فقد وضح عبد الحميد في رسالته ما ينبغي أن يتحلى الكاتب به من صفات شاملة، وحين نمضي في قراءة الرسالة حتى نهايتها نشعر أنها مقال يتناول فكرة واحدة معينة، يرتكز الكاتب عليها، ويمارسها من جوانب عدة، وهذا ما يتطلبه المقال الحديث.


١ أضفاه: أسبغه.
٢ الثقاف: ما يقوم به اللسان.

<<  <   >  >>