للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له أن يبدي عمله بعبارة واحدة إذا كانت رشيقة اللفظ، بليغة المعنى"١.

ويرى أن كثرة السجع تسد مسالك التعبير فيقول: "السجع للمؤلف كالرجل من خشب للماشي، فينبغي لي ألا أتوكأ عليه في جميع طرق التعبير؛ لئلا تضيق بي مذاهبه، أو يرميني في ورطة لا مناص منها. ولقد رأيت أن كلفة السجع أشق من كلفة النظم، فإنه لا يشترط في أبيات القصيدة من الارتباط والمناسبة ما يشترط في الفقر المسجوعة، وكثيرًا ما نرى الساجع قد دارت به القافية عن طريقه التي سلك فيها حتى تبلغ إلى ما لم يكن ترتضيه لو كان غير متقيد بها". لذا استعمل السجع بمقدار في مقدمات كتبه يقول: "قد مضت علي برهة من غير تكلف السجع والتجنيس، وأحسبني نسيت ذلك! فلا بد أن أختبر قريحتي في هذا الفصل، فإنه أولى به من غيره"٢.

وزواج الشدياق بين السجع والترسل في رسائله، فقد كتب إلى أخيه "طنوس" بمالطة ١٨٤٠ رسالة استرسل في أولها، وسجع في آخرها فقال: "فكيف بالاقتناع، والقلب في التباع، والدمع في تهماع، ومن أين للسلو والبين في علو، والوجه في نمو؟ ".

ويميل إلى الاستطراد، وهذا واضح في كتابيه: "رحلة إلى مالطة وأوربا"، تراه يستطرد من موضع الرحلة إلى نقد القاموس المحيط في عدة مواضع٣. وهي استطرادات تدل على تزاحم المعلومات والمعارف لديه.

ويبلغ القمة في دقة التصوير، وعمق التعبير، وبراعة التحليل عند تصوير المعنويات بالمحسوسات، انظر إلى اللوحة التعبيرية التي تصور مشية نساء مالطة يقول: "للنساء زهو وعجب إذا مشين أكثر من زهو الرجال، فترى المرأة كالعروس المزفوفة إلى بعلها، وهي ممسكة بطرف


١ راجع: الساق على الساق ج٢ ص٤٦.
٢ راجع: الساق على الساق ص٦٢.
٣ الواسطة في أحوال مالطة ص١٢، ٢٥، ٣٠.

<<  <   >  >>