الوشاح باليد اليسرى، ويطرف غطاء رأسها باليمنى، فتكون على هذه الحالة أشغل من ذات النحيين"١. وهكذا يجعلك الشدياق تشعر بقيمة الأشياء الصغيرة وخطرها.
اهتم الشدياق منذ طفولته بخدمة القضايا اللغوية، كما كان له ارتياح غريزي من صغره لقراءة الكلام الفصيح، وإمعان النظر فيه، والتقاط الغريبة التي كان يجدها في الكتب.
ويعد كتاب "الساق على الساق" معجما للعديد من الألفاظ الغربية التي استعملها الشدياق في الحكاية والمقامة، ويرد الحياة ووصف رحلاته وأشعاره.
من غرائب الألفاظ لمسميات في أحوال وأوصاف مختلفة كلمة "البيت" البيت في أصله بيت، ولكن البيت الذي يستظل به كالعرش، غير البيت المسنم من قصد، غير المربأ الذي ينظر منه من عل، غير البيت المقدم أمام البيوت، غير السرادق المضروب، غير البيت من الطين، غير البيت الذي لا باب فيه ولا ستر، غير البيت من الحجر، غير البيت من آدم، غير البيت من الشعر، غير البيت الدنيء، غير البيت المدهور بالجص، فلكل نوع من هذه البيوت لفظ خاص به في اللغة العربية.
ودافع الشدياق عن اللغة وأصالتها، فبيت في كتابه اللغوي: "سر الليالي في القلب والإبدال" مشتقات الألفاظ بعضها من بعض، مما أضعف الرأي القائل بأن بعض الألفاظ العربية مأخوذة من لغات الأعاجم، مثل لفظة "كنز" في العربية التي زعم "الخفاجي" أنها معربة لكلمة "كنج" الأعجمية.. وبناء على طريقته في نسق الألفاظ واشتقاقها يتضح أن كلمة "كنز" عربية بأنها من "الكن" وهو الستر، ومنه جن الشيء -بمعنى ستر- وكتبه وكنه النعمة أي كفرها وسترها، وكنس الظبي أي دخل في كناسة، فاستتر فيه. والكنيسة متعبد اليهود. وحقيقة معناها مكان يستتر فيه.