المعنى لا يضيق ولا يتسع لغيره، وهذه هي البراعة في اللغة وما تؤلفه مفرداتها من المركبات الإسنادية، وكان لا يعبأ بزخرفة الألفاظ، ولا يكثر من الاستعارة"١.
وأهم ما يميز أسلوب الكواكبي في كتاباته ما يلي:
١- قوة التفكير، وسلامة التصوير، وسعة الاطلاع، وابتكار المعاني، وصدق الغيرة على العالم الإسلامي.
٢- القدرة على النقد والتمحيص، وإقامة البراهين والحجج، فيما يريد إثباته أو يحاول نفيه.
٣- السهولة في الألفاظ، والدقة في اختيار الكلمات، والجودة في التعبير مع البعد عن الغريب.
٤- الترسل في عباراته دون الالتزام بالمحسنات التي ميزت كتاب عصره.
٥- استعمال الأسلوب العلمي المتأدب، حين يوضح ظواهر اجتماعية أو مشاكل عصرية.
تحدث الكواكبي عن "الاستبداد" وأثره في ضعف الأمة الإسلامية فقال:
"من أين لأسير الاستبداد أن يكون صاحب إرادة، وهو كالحيوان المملوك العنان، يقاد حيث يراد به، ويعيش كالريش يهب حيث تهب الريح بلا نظام ولا إرادة، وما هي الإرادة؟ هي ناموس الأخلاق. هي ما قيل فيها تعظيمًا لشأنها، لو جازت عبادة غير الله لاختيار العقلاء عبادة الإرادة هي تلك الصفة التي تفضل الحيوان عن النبات في تعريفه بأنه متحرك الإرادة، وأسير الاستبداد النافذ الإرادة، مسلوب حق الحيوانية فضلًا عن الإنسانية.
الاستبداد مفسد للدين وذلك في أهم قسيمه -أي الأخلاق- وأما العبادات فإنه لا يمسها؛ لأنها تلائمه في الأكثر. ولهذا تبقى الأديان في الأمم
١ راجع: مجلة الحديث ص٤٠٤ وما بعدها، العدد السادس ١٩٢٩.