للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد بسط من أمره في الريف وفي فلسطين كجنود شرق الأردن ما يؤلم ويوجع. وسبب استئساد الأجنبي هو تبرع ابن الملة في مظاهرته وتحكمه".

ويجعل الموت لأجل الحياة بطولة وفداء فيقول: "وأما الموت الثاني فهو الموت لأجل استمرار الموت، وهو الذي يموته المسلمون في خدمة الدول التي استولت على بلادهم. وذلك أنهم يموتون حتى ينصروها على أعدائها، كما يموت المغربي مثلًا حتى تنتصر فرنسا على ألمانيا مثلًا، ويموت الهندي حتى تتغلب إنجلترا على أي عدو لها، ويموت التتري في سبيل ظفر الروسية، والحال أنه انتصار فرنسا على أعدائها تزداد في المغرب غطرسة وظلمًا وابتزازًا لأملاك المسلمين وهضمًا لحقوقهم"١.

ويرى أن سبب تأخر المسلمين هو الجهل والعلم الناقص وفساد الأخلاق وسكوت العلماء على الضلال والطغيان فيقول: "هذا والعامة المساكين مخدوعين بعظمة عمائم هؤلاء العلماء وعلمونا صبهم، يظنون فتياهم صحيحة وآراءهم موافقة للشريعة، والفساد بذلك يعظم، ومصالح الأمة تذهب، والإسلام يتقهقر، والعدو يعلو ويتميز.. حتى يجدون في كثير من المنعمين وسيلة إلى الخديعة والفساد وهو يقول: "فقد أضاع الإسلام جاحد وجامد". ويوضح أسباب انحطاط المسلمين -في نظره- فقدهم الثقة بأنفسهم فيقول: "وكأن المسلمين لم يوجدوا في الدنيا إلا عملة أو أكراة يشتغلون بأيديهم ولا يشتغلون بعقولهم"٢.

ويلخص الكاتب علاء فارس جهاد شكيب أرسلان في سبيل الإسلام والمسلمين فيقول: "وحينئذ تتجلى عظمة شكيب، فقد جعل من نفسه علمًا تتجه إليه أنظار المسلمين في كل أنحاء الأرض، لقد أصبح مكتب التنفيذ لمؤتمر إسلامي غير موجود، ورئيس الديوان لخليفة إسلامي معدوم، ومكتب الاستعلام والإعلام عن كل قضية، وكل بلد للعرب والمسلمين فيها حق أو نصيب، ولكن جهاده الإسلامي العام لم ينسه أبدًا وطنه الخاص الذي هو بلاد الشام بكل أجزائها، بل إنه كان يخدم سوريا الكبرى بخدمته لقضايا المسلمين؛ إذ كان يكفي أن تتوجه منه رسائل وبرقيات لدنيا المسلمين، لكي تثور ضد فرنسا وبريطانيا والصهيونية، وتتوالى الاحتجاجات من كل جهة على أعمال الاستعمار والصهيونية في أراضي الشام١.

اهتم شكيب أرسلان في كتاباته بقضايا الإسلام والمسلمين واللغة والعروبة، وكلها تفيض غيرة على الدين وحسرة على ما حل بالمسلمين من تخلف وفتور، نتيجة للجهل وفساد الأخلاق، وسكوت العلماء على الطغيان، وقعود المسلمين عن نصرة المجاهدين، والتزلف للأجانب.


١ راجع المصدر السابق ص٣٧.
٢ راجع: لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟ ص١٤٥ طبعة ١٩٣٩.

<<  <   >  >>