للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لليهود جنس فلا ريب ولا جدال بأنهم إلى اليوم، وإلى ما بعد اليوم ليس لهم جنسية، فكيف يكون بعض الأجيال مسلمين دينًا، ويهودًا جنسية، هذا محال بل ظلال.

وبعد فهل هناك مسلمون هم يهود؟

ليس الدكتور "بارك" هو أول من يكاشفنا بهذه الخرافة، ولكن فريقًا من العلماء قبله قد غرتهم أقوال أولئك الأقوام، فقالوا بها أيضًا مثل: بللو وبول وهولدشى، ومثل: رافزتي "ببعض تحفظ من هذا الأخير".

والناس مجبولون على التولع بكل ما هو غريب أو غير مألوف، ولكن هذه النظرية الواهية قد درسها المحققون من علماء الإفرنج، فنقضوها من أساسها، بحيث لا يصلح لعاقل أن يرجع إليها.

أما عكس ذلك فقد أثبته التاريخ الصادق إلى الأمس، فإن جماعة من اليهود تستروا برداء الإسلام ظاهرًا وإلى حين، ذلك أن الإسبانيين حينما طردوهم من "الفردوس الإسلامي المفقود" بعد تقلص ظل العرب من جزيرة الأندلس، ذهب جماعة منهم إلى أرض الترك، وتوطنوا على الخصوص في مدينة "سلانيك" وأجوارها، وقد دعاهم حب الكسب في الغنيمة إلى التظاهر بالإسلام، وهم المعروفون عند الأتراك بلفظ تركي هو "طونة" وينطقونه "دونمة" بدال معجمة مثل دال "دوطية" أولئك اليهود المسلمانيون ما لبثوا بمجرد صدور الدستور العثماني في أواخر حكم عبد الحميد أن عادوا إلى خلع ذلك الثوب الشفاف فصاروا يهودًا كما كانوا لا يزالون.

أما القول بأن توجد على وجه الأرض جماعة هم مسلمون دينًا، بينما هم يهود جنسية فحديث خرافة يا أم عمرو، وكفى الإسلام ما أصابه من جرثومة الفساد "كعب الأحبار" ومن شجرة الظلال "وهب بن منبه" ومن ينبوع الخرافات "عبد الله بن سلام" ومن رابعهم "عبد الله بن سبأ" وقد نالوا منه كل المراد وأصابوه بالدواهي العظام، وأهله غافلون ولا يزالون، أما القول بأن المسلمين في بلاد الأفغال يعتبرون التوراة من كتبهم المقدسة فذلك كلام ليس له برهان، ومصدره الدعاية الصهيونية، والنزعات الاستعمارية"١.

وعلى الجملة فإن أحمد زكي من أعلام الفكر المعاصر، ترك ثروة من التوصيات والتحقيقات في مجال التاريخ والجعفرافيا والأعلام واللغة فكان رائد في هذا المجال، آل على نفسه أن يكون له بين قومه كل يوم موقف،

وفي كل مجال مجال مقال، كما قال:

وقفت على أحياء قومي براعتي ... وقلبي وهل إلا البراعة والقلب

ولي كل يوم موقف ومقالة ... أنادي بيوت العرب ويحكموا هبوا

فأما حياة تبعث الشرق ناهضًا ... وأما فناء وهو ما يرقب القرب

<<  <   >  >>