للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- الاقتصاد في استخدام بعض ألوان البديع الذي يخدم الجانب المعنوي في توكيد الأفكار كالمقابلة والتورية، والجانب البياني في روعة الصياغة كالسجع والجناس.

٤- تشيع فيه الخواطر النفسية، والمشاعر الإنسانية، والمواقف الإسلامية، والصور الوصفية، والنظرات الإصلاحية، ممزوجة بالطابع العربي الإسلامي.

وهذا جزء من مقال له بعنوان "حقيقة الإسلام" يظهر من خلاله خصائص أسلوبه، يقول فيه: "لا يعرف التاريخ غير محمد صلى الله عليه وسلم رجلًا أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله، كما تصب المادة في المادة، لتمتزج بها فتحولها، فتحدث منها الجديد، فإذا الإنسانية تتحول وتنمو، وإذا هو صلى الله عليه وسلم وجود سار فيها، فما تبرح الإنسانية تنمو به وتتحول, كان المعنى الآدمي في هذه الإنسانية، كأنما وهن من طول الدهر عليه، يتحيفه ويمحوه ويتعاوره بالشر والمنكر، فابتعث الله تاريخ العقل بآدم جديد, بدأت به الدنيا تطورها الأعلى, من حيث يرتفع الإنسان عن ذاته, كما بدأت من حيث يوجد الإنسان في ذاته، فكانت الإنسانية دهرها بين اثنين: أحدهما فتح له طريق المجيء من الجنة والثاني فتح الله لها طريق العودة إليها، كان في آدم سر وجود الإنسانية، وكان محمد سر كمالها".

"ولذا سمي الدين "بالإسلام" لأنه إسلام النفس إلى واجبها، أي: إلى الحقيقة من الحياة الاجتماعية، كأن المسلم ينكر ذاته فيسلمها إلى الإنسانية تصرفها وتعتملها في كمالها ومعاليها، فلاحظ له هو من نفسه يمسكها على شهواته ومنافعه، ولكن للإنسانية به الحظ".

"وما الإسلام في جملته إلا هذا المبدأ، مبدأ إنكار الذات و"إسلامها" طائعة على المنشط والمكره لفروضها وواجباتها، وكلما نكصت إلى منزعها الحيواني، أسلمها صاحبها إلى وازعها الإلهي، وهو أبدًا بروضها على هذه الحركة ما دام حيا، فينزعها كل يوم من أوهام دنياها ليضعها ما بين يدي حقيقتها الإلهية، يروضها على ذلك كل يوم وليلة خمس مرات مسماه.

<<  <   >  >>