للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في اللغة خمس صلوات، لا يكون بالإسلام إسلامًا بغيرها، فلا غر وكانت الصلاة بهذا المعنى كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم: هي عماد الدين بين ساعات وساعات في كل مطلع شمس من حياة المسلم صلاة، أي: إسلام النفس إلى الإرادة الاجتماعية الشاملة القائمة على الطاعة للفرض الإلهي، وإنكار لمعانيها الذاتية التي هي مادة الشر في الأرض، وإقرارها لحظات في حيز من الخير المحض البعيد عن الدنيا وشهواتها وآثامها ومنكراتها، ومعنى ذلك كله تحقيق المسلم لوجود روحه، إذ كانت أعمال الدنيا في جملتها طرفًا تتشتت فيها الأرواح وتتبعثر حتى تضل روح الأخ عن روح أخيه، فتنكرها ولا تعرفها".

"وهذا الوجود الروحي هو مبعث الحالة العقلية التي جاء بها الإسلام، ليهدي الإنسانية إليها، حالة السلام الروحاني الذي يحمل حرب الدنيا المهلكة حربًا خارج النفس لا في داخلها، ويجعل ثروة الإنسان مقدورة بما يعامل الله والإنسانية عليه، فلا يكون ذهبه وفضته مما كتب عليه: "ضرب في مملكة كذا" ولكن ما يراه هو قد كتب عليه "صنع في مملكة نفسي" ومن ثم لا يكون وجوده الاجتماعي للأخذ فحسب، بل للعطاء أيضًا، فإن قانون المال هو الجمع، أما قانون العمل فهو البذل"١.

أسلوب الرافعي -كما ترى- مغرق في المحافظة على القديم، وعلى الرغم من تشبثه به فقد تحرر من الحلى اللفظية أو الزخارف البديعية، وجاءت ألفاظه محكمة، ومعانيه دقيقة، وأفكاره طريفه، مما يدل على قدرته وتمكنه من اللغة ووقوفه على أسرارها، ولا عجب في ذلك فقد تمرس بأساليب أمراء البيان في العصور الأولى للأدب.


١ راجع: مجلة الرسالة عدد ١٥ إبريل ١٩٣٥.

<<  <   >  >>