للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي النص التالي سمات أسلوب العقاد، وهو جزء من مقال العقاد في "الألم واللذة" وفيه يقول:

"أما أن الألم موجود في هذه الدنيا، فمما لا يختلف فيه اثنان، وأما أنه كثير فوق ما تقبله النفوس، فمما لا يختلف فيه إلا القليل، وأما أنه نافع أو غير نافع، ومقدم للحياة أو مثبط لها فذلك ما يختلف فيه الكثيرون. ورأيت في هذا الخلاف أن الألم ضرورة من ضرورات الحياة، وحسنة من حسناتها في بعض الأحيان، وحالة لا تتخيل الإنسانية بدونها على وجه من الوجوه. أما تفضيل هذا الرأي فهو أن الشعور يستلزم الشعور بغير النفس، فهذه أل "أنا" التي تقولها وتحمل فيها خصائص حياتك، ومميزات وجودك، وتعرف بها نفسك، مستقلا عما حولك، منفردًا بإحساسك. هي نصيبك من الحياة الذي لا نصيب لك غيره، وهي تلك "الذات" التي لا تشعر بها إلا إذا شعرت بشيء مخالف في هذا العالم الذي يحيط بها. فأنت لا تكون شيئًا له حياة ولذات وآلام ومحاب ومكاره إلا إذا كانت في هذا العالم أشياء أخرى، ولا تكون هذه الأشياء الأخرى معك إلا إذا كان منها ما يلائمك وما لا يلائمك، أو ما يسرك وما يؤلمك١".

يكشف لك هذا المقال وغيره عن قدرة العقاد في هضم الفلسفات والآداب الغربية، وإخضاع ما يقرؤه لعقله وفكره العربي، واستنباط صور ضمنها مقالاته وكتاباته في الصحف التي عمل بها.


١ راجع: مطالعات في الكتب والحياة ص٢٥٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>