للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ومتى اعتقد القاضي ذلك رأى استقلاله الذاتي خطرًا عليه، فيضحي به على مذبح القوة القاهرة، ويصبح لا يفكر إلا كما يفكر الحاكم، ولا يرى إلا بعين الحاكم، ولا يسمع إلا بإذن الحاكم، يطيعه الطاعة العمياء -لا في حدود القانون المكتوب- بل فيما يخرج به عن حدود القانون والمصلحة أيضًا. ولا شك أن هذا النظر هو الذي جعل الحكومات الاستبدادية خطرًا على أخلاق المحكومين؛ لأنها تورثهم دائمًا طبائع الاستبداد".

"ولو أمعنا النظر لوجدنا أن جزاء البغي يقع على الباغي أولًا؛ لأن أول عمل من أعمال البغي هو بعينه أول سبب من أسباب سقوط الباغي وتحلل قوته. فإذا رأيت امرأ بغى على آخر، فاحكم بأن قوته بدأت تتحلل وسلطانه أخذ يتقلص، فإن أسباب قوة القوي رضى النفوس به، واجتماع القلوب إلى نصرته، فما يقيه إلا هدم لقوته، لذلك قالوا: "على الباغي تدور الدوائر"١.

ومن خلال كتابات أحمد لطفي السيد تدرك أنه اتخذ من الصحافة والسياسة، وسيلة للخدمة العامة، التي يفرضها واجب الوطن على المواطن، وحقق بهما دعوته، وعلى الرغم من أن الفكرة الفلسفية كانت تحكمه، إلا أنه لم يقف عند حدود النظرية، بل كانت تنزع به إلى العمل والتنفيذ، فإذا كانت الصحافة وسيلة لنشر الفكرة، فإن السياسة وسيلة لتنفيذها.


١ راجع: الجريدة في ٣٠/ ١٢/ ١٩١١.

<<  <   >  >>