للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السكوت على محاربتها إلا ضربًا من السكوت عن الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس، هذه الرذيلة -رذيلة الرياء- يستخدمها بعض الناس وسيلة للنجاح في الحياة".

"وهي وسيلة نافعة في البلاد الاستبدادية التي يتوقف نجاح الفرد فيها -مهما كان كفوءًا- على رضا السلطان وأعوانه، ولا شيء يرضي السلطان غير العبادة. والذي يرضى بأنه يبيع نفسه عبدًا ليشتري بثمنها قوتًا يعيش به أستبعد كثيرًا أن يكون حافظًا للصورة التي خلقها الله عليها، صورة الإنسان ذي الشخصية صورة الحرية. وما مثل هذا الناجح بريائة إلا كمثل الذي ينجح في الحصول على الثروة عن طريق السرقة، فيئست الوسيلة ويئست الغاية".

"قال أرسطو: خلق بعض الناس ليكون حاكمًا، وخلق بعض الناس ليكون محكومًا، ولكنا نظنه قد أخذ هذه القاعدة من ملاحظته الشخصية لبعض قومه، ولأخلاق جيرانهم من الأسيويين. وهذه الملاحظة لا تكفي وحدها لتقرير قاعدة عامة مثل هذه القاعدة، لذلك نقول: إن الله فطر الناس على فطرة واحدة أو متقاربة الفروق جدا، إنهم جميعًا نظروا على الحرية الشخصية"١.

وفي مقال آخر تحدث عن "انتشار البغي" بين طبقات المجتمع المصري فقال:

"أساس البغي في نفس الباغي قوة تخدعه، غير أن الأمثلة في هذا العالم قد يدل ظاهرها على خلاف هذه القاعدة، وأن النظر السطحي في هذه الأمثلة الكثيرة الوقوع بين ظهرانينا هو على ما أظن الهادم الأعظم لسياج الأخلاق الفاضلة، والقوض لدعائم الثقة في مبادئ الخير، بل المزعزع في بعض القلوب لقواعد الإيمان بالله الواحد القهار".


١ راجع: الجريدة أول فبراير ١٩٠٨.

<<  <   >  >>