للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشاركت في وظائف الحكومة، ثم لم تقف مطالبتها عند حد في الجري وراء ما سماه أنصارها "حقوق المرأة أو مساواتها بالرجل" وكأنما كان عبثًا أن خلق الله سبحانه الذكر والأنثى، وأقام كلا منهما فيما أراد، وامتلأت المصانع والمتاجر بالعاملات والبائعات، وحطم النساء الحواجز التي كانت تقوم بينهن وبين الرجال في المسارح وفي الترام وفي كل مكان, فاختفت المقاعد التي جرت العادة على تخصيصها للسيدات، بعد أن أصبحن يفضلن مشاركة الرجال١".

لعبت الصحف دورها في معركة تحرير المرأة بما كانت تنشره من استفسارات تبغي من ورائها الأنظار ومشاركة أنصار التحرر مثل رد الدكتور "فيليب متى" فيما تستبقيه المرأة الشرقية من أخلاقها التقليدية وما تقتبسه من المرأة الغربية يقول: "للمرأة كما للرجل سواء كانت المرأة شرقية أم غربية، الحق المطلق في الاستمتاع بكل الوسائل الضرورية لحفظ حياتها التامة ولنموها المستمر وتقدمها المطرد جسديا وعقليا وروحيا, وكل ما وقف في سبيل ذلك هو شر يجب إزالته, هنا تأتي مشاكل البرنيطة والحجاب والمشد وقص شعر الرأس والرقص والغناء والتياترات. ولعب الورق إلى آخر ما هنالك, من المسائل التي تشغل في هذه الأيام أفكارنا, كل هذه المشاكل -في نظري- يجب أن تقرر بموجب هذا المبدأ الأخير, هل هذه الأمور تساعد المرأة على النمو الجسدي والعقلي والأدبي، أو تعوقها عنه، لكل امرأة -ولكل رجل- أن تحكم نفسها أو يحكم نفسه, فإن كان لعب الورق مثلًا لا يقف عثرة في سبيل تقدم الفرد بل يساعده على النمو فهو جائز حلال وإلا فهو خطيئة، ولا نستطيع في أحوال كهذة أن نضع أحكامًا عامة تتناول الجميع، بل يجب الحكم في كل حادثة لنفسها، وعلى كل فرد لنفسه٢".

تلك هي قضية تعليم المرأة التي أثارها المرحوم قاسم أمين، ولم تكن كما قال المرحوم شكيب أرسلان١ مسألة شعور وحجاب وتعليم وجهل. وإنما سلسلة متصلة دفع دعاة المدنية الغربية المجتمع إليها دفعًا حتى لا يكونوا في مجتمع يختلف تقاليده عن تقاليدهم التي اكتسبوها من معايشتهم لغيرهم من أبناء المجتمعات الأوروبية.


١ راجع: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر جـ٢ ص٢٢٥- ٢٣٣ محمد محمد حسنين.
٢ راجع: الهلال ص٤٢٨ أعداد ١٩٢٥.

<<  <   >  >>