للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انعكست على البرلمان الوفدي برياسة سعد زغلول ضد صاحبه، وكادت تعصف بوزارة عدلي يكن، وانتهى الأمر بمصادرة الكتاب، وتقديم مؤلفه إلى القضاء للنظر في هذه القضية.

اتهم طه حسين بالطعن في الدين الإسلامي دين الدولة، وأنه أنكر وجود إبراهيم قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه وإسماعيل لم يبنيا الكعبة، لكن طه حسينا أنكر ما وجه إليه من تهم، وأنه مسلم لا يرتاب في وجود إبراهيم وإسماعيل، وما يتصل بهما مما جاء في القرآن الكريم، لكنه كباحث مضطر إلى أن يذعن لمناهج البحث العلمي الذي لا يسلم بالوجود التاريخي لإبراهيم وإسماعيل إلا إذا أثبت وجودهما بالدليل الذي يقبله العلم.

وشرح طه حسين رأيه في صحيفة "السياسة الأسبوعية" فقال: "كل امرئ منا يستطيع لو فكر أن يجد نفسه شخصيتين متميزتين، إحداهما عاقلة تبحث وتنقد وتحلل، وتغير اليوم ما ذهب إليه أمس، وتهدم اليوم ما بنته أمس, والأخرى شاعرة تلذ وتألم، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب وترهب، كل ذلك في غير نقد ولا بحث ولا تحليل، وكلتا الشخصيتين متصلة بمزاجنا وتكويننا لا نستطيع أن نخلص من إحداهما، فما الذي يمنع من أن تكون الشخصية الأولى عالمة باحثة، وأن تكون الشخصية الثانية ممتعة مطمئنة وطامحة إلى المثل الأعلى"١.

رد كثير من الكتاب على كتاب طه حسين في الصحف باعتدال تارة، وعنف أخرى. جمعت مقالات الردود في كتب نشرت فيما بعد، فكان منها "الشهاب الراصد" لمحمد لطفي جمعة، وكتاب "نقض كتاب في الشعر الجاهلي" لمحمد الخضر حسين، وكتاب "نقد كتاب في الشعر الجاهلي" لمحمد فريد وجدي، ونشرت مقالات هذه الكتب في صحف المعارضة للأحرار الدستوريين.

وعلى الرغم من إعادة طبع الكتاب بعد حذف أشياء منه، وأضافت


١ راجع: السياسة الأسبوعية الصادرة في ١٧ يوليو ١٩٢٦.

<<  <   >  >>