للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: كتب الدكتور الدكتور محمد نصر منها عن "لقاء الأوروبية بالعربية في فكر الطهطاوي السياسي" فقال: "تعتبر تجربة رفاعة رافع الطهطاوي تجربة ثرية في التقاء الحضارة الغربية بالحضارة المصرية الإسلامية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد اتسمت هذه الفترة بثراء الترجمة من علوم الغرب وأدابه ونظمه في معالجة الشئون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ففي الفترة التالية لعام ١٨٠٥ كان محمد علي يحث أعضاء البعثات على تعريب الكتب الأجنبية، وكانت الحكومة تعلق على أعمال الترجمة أهمية كبرى لكي تظفر بأكبر عدد من الكتب المترجمة في أقل زمن".

وقد قضى رفاعة الفترة ١٨٢٥-١٨٣١ في باريس التي أوفد إليها في بعثة تعليمية للعلم وعاش في باريس, وقد أخذ على نفسه أن ينقل إلى اللغة العربية تجربة الحياة الفرنسية وفيما يتعلق بالسياسة وأصولها، فإن رفاعة قرأ كتبا للمفكرين السياسيين الذين مهدوا للثورة الفرنسية كمونتسكيو وجان جاك روسو, وانعكس جهد رفاعة في هذا الخصوص على تأليف كتابي "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" و"مناهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية" وقد نشر رفاعة فيها آراءه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهناك أيضًا كتابا "المرشد الأمين للبنات والبنين" و"أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل" الذي يبين فيهما موقفه من الحكم على ضوء التجربة الفرنسية، ويمكن أن نتبين آراءه السياسية فيما يلي: كان رفاعة ذا ميل فطري إلى النظم الحرة، والحياة السياسية المقيدة بالقوانين، ويدلنا على ذلك أنه ترجم دستور فرنسا الذي كان معمولًا به عندما كان في باريس وما أدخل عليه من تعديلات، وكان بترجمته لهذا الدستور يرفع أمام بني وطنه مثلًا يقتدى به في الحياه السياسية المثالية، ولا سيما أنه ترجم هذا الدستور مبديًا رأيه فيه إذ قال: "ومن ذلك يتضح لك أن ملك فرنسا ليس مطلق التصرف، وأن السياسة الفرنساوية هي قانون مقيد بحيث إن الحاكم هو الملك بشرط أن يعمل بما هو مذكور في القوانين التي يرضى بها أهل الدواوين".

"ويبدو هذا الإعجاب من تعليقه على مواد هذا الدستور، فعلق على المادة الأولى منه وهي التي تنص على أن سائر الفرنسيين يتساوون أمام

<<  <   >  >>