للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثقافته الإسلامية جعلته يدرك بعمق تفوق الفرنسيين في نظم الحكم. فالإسلام قد درج منذ البدء على أن يكون الحكم جانبًا هاما من جوانب الدين, ولقن هذا الدرس في مراكز الثقافة الإسلامية علماء المسلمين على مر العصور، ولقنوه لأجيالهم المعاصرة والمتعاقبة جيلًا بعد جيل, ويعد رفاعة الطهطاوي من هذه الناحية وارثًا للتراث الإسلامي وداعيًا لدروسه ومجتهدًا في المزاوجة بينه وبين التجربة العقلية على أسس من المنهج العلمي التاريخي المقارن, وهو في هذا إنما يسير على المنهج الذي سار عليه مفكرو العرب منذ البدء حين عملوا على بناء الحضارة العربية الجديدة من مزج بين تراث العرب وبين ما نقلوه من عناصر الحضارة المتعددة الجوانب والأصول١".

ثانيًا: كتب الباحث يوسف ميخائيل أسعد مقالًا عنوانه: "لماذا تراجع الفن والأدب" وضح خلاله أسباب هذا التراجع فقال: "وقع هذا التراجع بالفعل من جانب الفن والأدب أمام تطورات العلم وتطبيقاته التكنولوجية، ولنضرب خمسة أمثلة فقط لتراجع الأدب أمام التيار العلمي التكنولوجي, والأمثلة التي نسوقها لنؤكد بها تراجع الفن أمام العلم والتكنولوجيا هي:

أولًا: اختراع التصوير الفوتوغرافي، وكيف أنه ضرب التصوير الفني في الصميم لدرجة أن الفنانين من أصحاب الفرش والألوان قد هربوا من أمام هذا الطغيان الفوتوغرافي إلى معقل جديد هو التصوير الإبداعي التشكيلي.

ثانيًا: اختراع الآلات الموسيقية ذاتية التشغيل بدءًا بالفونوغراف وانتهاء إلى الراديو وأجهزة التسجيل والكاست, لقد عملت هذه المخترعات على إحجام معظم الناس العاديين عن محاولة تعلم العزف الموسيقي، بل أنها ضربت معظم الناس بالسلبية. فصاروا يتلقون دون أن يقدموا. فكبار الموسيقيين احتلوا مكان الصدارة وصاروا هم الذين يعزفون فحسب، والجموع الغفيرة تستمع إلى ما يقومون بعزفه.


١ راجع: الأهرام في يوم الجمعة ٢٦/ ٦/ ١٩٨١.

<<  <   >  >>