للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صنعها الاستعمار والخونة على هواهم، وحاولوا أن يستروا بها أغراضهم المريبة، والحق أن المؤلف الفاضل قد وفق توفيقًا كبيرًا في أن يقدم صورة صادقة نقية عن الزعيم العظيم، لا تشرف عرابي فحسب بل إنها تشرف وطنه وأبناء شعبه على امتداد التاريخ".

وعن حلقات "فواكه الشعراء" قال: "تراثنا من الأدب العربي حافل بألوان ممتعة من الفكاهات والمسامرات والقصص والنوادر الأدبية والشعرية التي تعتبر مادة خصبة لأدب روائي رائع، وعروض تمثيلية تملأ النفلس بالبهجة والبشاشة، وتقدم إلى العقل زاد من العلم والفهم لأسرار النفس الإنسانية، وقد اهتم القدماء بهذه الألوان التي شاعت وملأت المجالس والمحافل في العصر العباسي الزاهر، فجمعوا منها مادة وفيرة في مؤلفات كثيرة مثل "فاكهة الظرفاء" و"محاضرات الأصبهاني" و"نوادر الحصري" إلى آخر ما هناك. أحوج ما يحتاج إليه هذا التراث هو العرض في أسلوب يلائم روح العصر، وتصوير تمثيلي يكشف أسراره وما فيه من نزعات إنسانية، وقد كانت هذه القضية موضع مناقشة من قبل، وبدأ الأستاذ توفيق الحكيم التجربة في ذلك، فكتب صورًا تمثيلية من أدب الجاحظ، وجمع نسقًا من النوادر فسر به حياة "أشعب" الطماع في كتاب سماه "حياة معدة" وبقي الأمل مرتبطًا بهذا العمل حتى طال به الأمد، ولهذا شدني التليفزيون العربي ببرنامج جديد يعرضه بعنوان "فواكه الشعراء" إذا رأيت فيه بعثًا لذلك الأمل الذي انتظرنا تحقيقه".

"وفواكه الشعراء" حلقات تتناول قصص ونوادر أبي الأسود الدؤلي واضع علم النحو، والشاعر زند بن الجون الذي اشتهر في الأدب العربي باسم أبو دلامة، ومطيع بن إياس الشاعر الفكه الذي نادم الأمراء وعاش مع الخلفاء ونال صلاتهم الجزيلة إلى آخر من هناك من الشعراء وأصحاب الفكاهة والظرف الذين ملئوا المجالس والمحافل بنوادرهم وسمرهم في العصرين الأموي والعباسي, أما التي تولت هذه العروض في كتابة القصة والسيناريو والحوار فهي أستاذة تمرست بهذا الفن، ولها فيه خبرة وثقافة وهي الأستاذة "أمينة الصاوي" والحق أنها كانت بارعة في حبكة القصة، وتسلسل الحوار، أمينة في تصوير الموقف وتوضيح مدلوله، كما كانت موفقة إذ حرصت على تجرد هذه القصص والمسامرات من حديث الخمر، ومن العبارات المبتذلة، والكلمات التي يمكن أن تقال على بساط الشراب، وليس من الجائز أن تعرض على الأنظار، وأن تخدش الأنظار, إنه في الحقيقة عمل أدبي رائع، وعرض جديد لبعث هذا الجانب من تراثنا الأدبي إلى الحياة من جديد، وهو أقرب ما يكون إلى الروح العربية والذوق العربي من تلك الألوان التي نستوردها من الخارج. وأنا أرجو الأديبة أمينة أن تثابر على تقديم هذه العروض فقد كان والدها يدرس لنا الأدب العربي، وأنا أعرف أنها أخذت عن والدها الكثير, وإنها تشبعت بهذا اللون الطريف من فواكه الشعراء ومسامرات الأدباء، وأن يحرص التليفزيون العربي على أن يقدم إلى المشاهدين هذا الزاد الشهي من الفكاهة والثقافة والفن١".


١ راجع الأخبار الصادرة يوم الأربعاء أول يوليو ١٩٨١.

<<  <   >  >>