للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصر للمصريين, وثانيهما أننا أحرار ولسنا عبيدًا نورث بعد اليوم، وإذا كان الحكم على الأشياء بأسبابها ونتائجها فلا شك أن عرابي قد نجح نجاحًا باهرًا في دعم هذين الأساسين وتأصلهما في كيان الشعب المصري. ومن هنا كانت الثورة العرابية هي الأصل في كل ثوارتنا الوطنية، وهي الطريق الذي سار عليه الشعب في معارك الكفاح والنضال الوطني. ولكن الخيانة غدرت بالزعيم البطل وهو في حومة المعركة، ومكنت الاستعمار من أن يحيط به بعد أن عجز عن أن ينال منه في موقف البطولة والشجاعة، وفوجئ بالهزيمة التي دخلت عليه من باب الغدر والخيانة فاستسلم، وصنع له الاستعمار والوخونة الذين جاءوا بالاستعمار محكمة ومحاكمة، واتهموه بالخيانة، وحكموا عليه بالإعدام، ثم قذفوا به في مهاوي النفي تسعة عشر عامًا، وعاشوا يلوثون شخصه وتاريخه بالافتراءات والأكاذيب".

"ولقد كانوا يلقون في أذهاننا الغضة ونحن على مقاعد الدرس روايات مزورة يتهمون فيها البطل عرابي بالخيانة لوطنه، ويزعمون أن الخونة من الخديويين ومن بعدهم من الأمناء على هذا الوطن، وأن الاستعمار هو الذي نهض بمصر، وحرر المصريين، ومما يدعو إلى الأسى والألم أن المؤرخين المصريين الذين كتبوا تاريخنا المعاصر كانوا يتملقون الأسرة الحاكمة أو يرهبون بأسها كانوا يسكتون على هذا الافتراء على عرابي، وفي يوم استقدم الملك فؤاد مؤرخًا أجنبيا ليكتب كتابًا سماه "إسماعيل المفترى عليه" ودفعتنا الغيرة الوطنية، وكنا مجموعة من الشباب في مجلة الرسالة التي كان يصدرها الأستاذ الزيات إلى أن نرد الافتراء على عرابي، وبدأ المرحوم الأستاذ "محمود الخفيف" ينشر فصوله المتتابعة في الرسالة تحت عنوان: "عرابي المفترى عليه" وقامت قيامة السراي أو القصر الملكي على هذا الكتاب الذي بدأ يكشف عن مواقع الخيانة، وطلبوا وقف نشر هذه الفصول وهي التي جمعها وأضاف إليها كل ما كتبه في كتابه "عرابي المفترى عليه"".

"لقد عرض الزميل الأستاذ إسماعيل يونس قضية عرابي مع الخونة والاستعماريين في معرض التاريخ الحق، فرد إلى الرجل اعتباره في البطولة والشرف والنزاهة والوطنية، وكشف الحقيقة في تلك المحاكمة المزيفة التي

<<  <   >  >>