للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يريد: كل كتاب فيه حكمة لقمان فهو "مجلة"، وأطلقت في أول الأمر على الكتاب والكراسة. قال أبو عبيدة: كل كتاب عند العرب "مجلة".

وتحدث ابن الأعرابي عن نفسه فقال: "أنه كان في يده كراسة، فلقي أعرابيا، فسأله: ما المجلة؟ فأجاب: التي في يدك".

وفي العصور الوسطى شملت "المجلة" كل ما يتضمن حكمة، فسميت أمثال لقمان الحكيم "مجلة لقمان"، وقيل عن شعر أمية بن أبي الصلت: "مجلة أدبية"؛ لكثرة ما يتضمن من حكم. وانحصرت مهمة "المجلة" في تسجيل ما زخر المجتمع العربي به من صور خلال عصوره المختلفة، وبيئاته المتعددة من مثل: مجالس الأدب والمناظرات والأمالي وتناقل الروايات في الأخبار والأشعار. ولذا قال الراغب: سمي المصحف "مجلة".

وظل هذا المعنى شائعا حتى بداية نهضتنا الحديثة. حتى فرق رواد الصحافة وحملة الأقلام بين الصحف اليومية التي تهتم بالخبر والحدث، فسموا الواحدة منها "صحيفة" وبين الصحف الدورية التي تناقش نظرية وتنقد رأيا، وسموا الواحدة منها "مجلة"، وقصروها على الصحف الأدبية والعلمية والإسلامية واليهودية١ والنسائية والسياسية والاقتصادية والفلسفية، والخاصة بالأطفال والفنون الجميلة والموسيقى والتاريخ والآثار، والمجلات المصورة، وغيرها مما يلقي أضواء جديدة على تاريخ الآداب والعلوم والفنون والثقافة في مصر وبلاد العروبة.

وأول من استعمل لفظ الصحافة بمعناه المعاصر الشيخ نجيب الحداد ١٨٦٧-١٨٩٩ منشئ "لسان العرب" ١٨٩٤ بالإسكندرية٢، وظل الصحفيون لا يفرقون بين الجريدة والمجلة في الاستعمال حتى تولى الشيخ إبراهيم اليازجي ١٨٤٧-١٩٠٦ إدارة صحيفة "الطبيب" البيروتية ١٨٨٤، أشار إلى لفظة "مجلة" فقال: "إنها صحيفة علمية أو دينية أو انتقادية أو ما شاكل ذلك، تصدر تباعا في أوقات معينة"، وتابعته


١ صدرت بمصر الصحف التالية: إسرائيل، الاتحاد الإسرائيلي، صهيون.
٢ راجع: تاريخ الصحافة العربية للكونت فيليب أي طرازي.

<<  <   >  >>