للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحديث. ومن ثم حلت كلمة "الثقافة" التي أصبحت تحيط بكل ما يتصل بالنشاط الفكري في العصر الحديث محل كلمة "معرفة" ذات المفاهيم الواسعة في الأجيال القديمة.

وأدى تعدد الصحف الأحزاب إلى ظهور "الهجاء السياسي" وهو لون جديد من أدب المقاقل يصور الحياة تصويرا صحيحا، فاتسعت دائرة المقال وأصبحت أدبية واجتماعية ونقدية. وحملت الصحف دعوات المفكرين لتنشيط الثقافة الأدبية واللغوية مثل: دعوة أحمد لطفي السيد للتقريب بين الفصحى والعامية، التي ترتب عليها تيسير أسلوب الكتابة على الجماهير، ورواج الأدب وتخلصه من الذاتية إلى الموضوعية. واهتمت صحيفة السياسية اليومية بالعديد من النظريات الأدبية، وحرص ناقدها الأدبي طه حسين على تمحيصها بالنقد والإرشاد والتوجيه، كما بسط محمد حسين هيكل على صفحات السياسة الأسبوعية دعوته إلى الأدب القومي الذي يعتمد على التاريخ المصري وطبيعة وادي النيل.

وكشفت مجلة "أبوللو" عن مواهب أدبية مطمورة، تربعت على أريكة الشعر والنقد المعاصر. وحرصت مجلة "الرسالة" على الدراسة الأدبية والنقدية وإحياء اللغة، فأسهمت بقسط وافر في نهضة الأدب الحديث، وتبعتها مجلة "الثقافة" ذات الطابع العربي الرصين، ثم كانت مجلة "الكاتب المصري" التي مال كتابها إلى الانطلاق والتحرر.

أضف إلى هذا كله أن الصحف كانت معرضا للمساجلات الأدبية بين قادة الفكر وأعلام الكتاب كالرافعي والعقاد وطه حسين وزكي مبارك وغيرهم مما غذى الفكر الحديث ببحوث وآراء ونظريات واتجاهات كانت بداية لمرحلة تحول في الحياة الثقافية والفكرية معا.

وهكذا لعبت الصحف وأدى الكتاب دورا كبيرا وفعال في رقي الأسلوب، واتجهت الصحف به نحو الكمال، وأنعشت الفكر، وارتفعت بالعقلية العربية عامة، والمصرية بصورة خاصة، وفتحت آفاقا جديدة في التصوير والتعبير أمام الكتاب والمفكرين، فنهض المقال وتطور، وأصبح أكثر رواجا من فنون الأدب الأخرى.

<<  <   >  >>