للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخرة والاستعداد لها، ويشغل عن ذلك .... فظهر بهذا: أن الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبحاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارة يلهيه الاشتغال به عما ينفعه في آخرته، وتارة تحمله محبته على أن يفعل لأجله بعض ما لا يحبه الله، وتارة يقصر في حقه الواجب عليه، وتارة يظلمه ويأتي إليه ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به، فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، ثم صلي أو صام أو تصدق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر كان ذلك كفارةً له، وإذا كان الإنسان تسوؤه سيئته، ويعمل لأجلها عملا صالحا كان ذلك دليلا على إيمانه.

وأما الفتن العامة: فهي التي تموج موج البحر، وتضطرب، ويتبع بعضها بعضا كأمواج البحر، فكان أولهما فتنة قتل عثمان -رضي الله عنه -، وما نشأ منها من افتراق قلوب المسلمين، وتشعب أهوائهم وتكفير بعضهم بعضا، وسفك بعضهم دماء بعض، وكان الباب المغلق الذي بين الناس وبين الفتن عمر -رضي الله عنه -، وكان قتل عمر كسرة لذلك الباب، فلذلك لم يغلق ذلك الباب بعده أبدًا.

وكان حذيفة أكثر الناس سؤالا للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الفتن، وأكثر الناس علمأ بها، فكان عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم بالفتن العامة والخاصة، وقد

<<  <   >  >>