للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدث عمر بتفاصيل الفتن العامة، وبالباب الذي بين الناس وبينها، وأنه هو عمر، ولهذا قال: إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط، والأغاليط: جمع أغلوطة، وهي التي يغالط بها … وهذا مما يستدل به على أن رواية مثل حذيفة يحصل بها لمن سمعها العلم اليقيني الذي لا شك فيه؛ فإن حذيفة ذكر أن عمر علم ذلك وتيقنه كما تيقن أن دون غد الليلة، لما حدثه به من الحديث الذي لا يحتمل غير الحق والصدق. وقد كانت الصحابة تعرف في زمان عمر أن بقاء عمر أمان للناس من الفتن (١).

وفي تشبيهه -صلى الله عليه وسلم- الفتن بأنها تموج كموج البحر إشارة واضحة إلى قوتها وشدتها، ثم إلى تتابعها، وإلى أنه لا يمكن لأحد الوقوف أمامها؛ لأنه لا يمكن لأحد أنْ يقف أمام موج البحر، وأن الناس أمام هذه الفتن ستضطرب حركتهم، ويختل توازهم، وتضيق صدورهم، وينقطع نفسهم، وهذه حال من يصارع الموج.

وإذا علمنا أنّ أمواج البحر تتكاثر وتتعاظم، مع شدة الريح وانتشار السحاب؛ فإن لنا أن نتصور جو الفتن بأنه جو مظلم، فالذي


(١) ينظر فتح الباري. لابن رجب (٣/ ٣٥).

<<  <   >  >>