للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشاهد موج البحر العاتي فتبدو أمامه زرقة البحر مع ظلمة السحاب وكثرته، مع شدة هبوب الرياح وقوها؛ فكذلك الذي يواجه هذه الفتن، تحيط به الظلمات والأعاصير، فهو مهموم مغموم ظاهرًا وباطنًا، وللموج صوت وأي صوت؟ ولهذه الفتن صوت، لا يسمع الواقف فيها صوت ما عداها، وإنما تطبق عليه، فهي كالصاخة، فيظل الواقف فيها حيرانة خائفة قلقًا، يتطلع إلى الأمان ولا يجده، وهل ينجو من البحر وشدة موجه إلا من بعد عنه، والناس حين يواجهون أمواج البحر مجتمعين، في أية حال من حالاته، فإنه يسمع لهم صراخ وعويل وتهارش وتخاصم، لا يسمع الواحد منهم الآخر، وكل يريد أن ينجو بنفسه، وقد يغرق الواحد منهم غيره لينجو هو (١).

وقد تبلغ شدة الفتن إلى أن تخرج المسلم عن دينه، ففي حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم، يصبح المرء مؤمنة، ويمسي كافرة، ويمسي مؤمنة ويصبح كافرة، يبيع أحدكم دينه بعرض قليل من الدنيا» (٢).

وقد يبلغ ثقل هذه الفتن وشدتها على المسلم أن يتمنى الموت


(١) موقع المسلم من الفتن، حسين بن محسن أبو ذراع الحازمي (١٠٢).
(٢) أخرجه مسلم كتاب الإيمان (١/ ٧٦) ٣٢٨.

<<  <   >  >>