يؤسفنا القول بأنَّ الحاضر مؤلم والمستقبل أشد للنفس ألمًا في هذا القطر العربي الإسلامي الشقيق.
إنه يراد به أن يقسَّم إلى أجزاء أصغر, فتقام فيه دويلة صغيرة للعلويين والدروز، وتقام في الجنوب دويلة مسيحية تعمل لحساب دولة العدو الإسرائيلي الذي يرسم خططه في المستقبل القريب على ضم هذا الجنوب إلى الأرض العربية التي استولى عليها. ويدَّعي أنها أرض محررة، وذلك ليحقق ما تحلم به الصهيونية من استغلال مياه نهر الليطاني وغيره من الأنهار, والإفادة من سهل البقاع في الإنتاج الزراعي والحيواني.
فإذا لم تفق القوى العربية الإسلامية من غفلة خلافاتها الصغيرة، فإن لبنان ستضيع وتلحق بغيره مما ضاع وحينئذ ستجد من يبكي عليه, كما بكوا على الأندلس وفلسطين, فهل هناك من يستمع إلى الحق, ويصغي إلى قول الله -عز وجل:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران: ١٠٥] ويومئذ لا ينفع الندم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} , فهل يدرك القادة المسلمون أنَّ الحرب الصليبية التي اندلعت في القرن الثالث عشر ما تزال محتدمة الآوار, ووسائل النصر لمن آمن واتقى ونصر دين الله وشرعه الحكيم, ولمن أعد العدة من التسليح والتدريب والتخطيط, وللمعسكر الذي تطهر قادته وجنوده من الذنوب والمعاصي, كما قال عمر بن الخطاب في وصيته إلى سعد بن أبي وقاص:"إنما تنصرون بذنوب أعدائكم".