للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أطماع صليبية قديمة وحديثة في لبنان]

تتركّز هذه الأطماع في شيء واحد, هو سلخ لبنان من عروبته وإسلامه, وإدخاله في حظيرة "المسيحية" التي تتعاون الآن مرحليًّا مع الصهيونية, فقد انتفعت الحركة الصليبية "قديمًا" بمعرفة موارنة لبنان في القرن الثالث عشر, وجعلت منهم أعوانًا ساعدوا على التمكن للإمارات الصليبية في بلاد الشام, وكانت فرنسا هي التي تذكي هذا الصراع, ولذلك أعلن ملوكها منذ القديم بسط الحماية المسيحية على موارنة لبنان, ودعوتهم إلى المطالبة بالانفصال عن كلِّ ما هو عربي, وكل ما هو إسلامي, والتعلق دائمًا بطلب إقامة دولة مسيحية مستقلة لا صلة لها بقضايا العروبة والإسلام، وقد خُيِّلَ لبعض القيادات يومًا أنهم قادرون على ذلك. ولو أدركت القيادات العربية والإسلامية، أو أنهم اعترفوا بهذه الحقيقة وأقاموا سياستهم على ضوئها؛ لكان لهم من أحداث لبنان موقف آخر, ولوقفوا من الدول الصليبية التي تخلق هذه الأحداث موقفًا إسلاميًّا موحدًا، ولنقرأ تلك الرسالة التي أرسل بها لويس التاسع ملك فرنسا في ٢١ مايو سنة ١٢٥٠ من عكَّا إلى موارنة لبنان, جاء فيها:

"إننا موقنون أن هذه الأمة التي قامت تحت اسم القديس مارون, هي قسم من الأمة الفرنسية؛ لأن محبَّتها للفرنسيين تشبه محبة الفرنسيين بعضهم لبعض, وعليه من قبيل العدل أن تتمتَّعوا أنتم وجميع الموارنة بنفس الحماية التي يتمتع بها الفرنسيون من جانبنا، وأن تقبلوا في الوظائف كما هم يقبلون, أمَّا نحن وجميع الذين يخلفوننا على عرش فرنسا، فنعد بأننا نوليكم أنتم وجميع شعبكم حمايتنا الخاصة كما نوليها للفرنسيين بعينهم"١.


١ سياسة الحكم في لبنان: للدكتور حمدي الطاهري ص٥١, نقلا عن تاريخ الطائفة المارونية للنويهي ص١١٠.

<<  <   >  >>