في نهاية القرن الأول الهجري، فُتِحَت الأندلس، فردوس الدنيا، فُتِحَت بسواعد المسلمين، ودمائهم، وجهادهم، ومثلت فيها أعظم حضارة عرفتها التاريخ، بينما أوربا تغرق في ظلمات القرون الوسطى.
وبقي حكم الإسلام في الأندلس ثمانية قرون، تغترف فيها أوربا من حضارة الإسلام, وتتلمذ على أساتذته, ثم ضاعت الأندلس، ضاع فردوس الدنيا، ضيَّعها ملوكها، ضيَّعها التَّرَف، ضيَّعها الخلاف، ضيَّعها غزو الفكر قبل غزو السلاح.
وبكى المسلمون الأندلس.
كما بكوا من بعدها أرض بخارى والقرم والقوقاز.
كما بكوا ضياع الخلافة الإسلامية في تركيا.
كما بكوا ضياع مهبط الأديان في فلسطين، وبكوا معها القدس والمسجد الأقصى {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه} .
ونحن ندرس في هذه الكلمات الأندلس باعتبارها حاضرًا لا ماضيًا.
باعتبارها حاضرًا سليبًا يذكِّر المسلمين مجدهم, ويذكِّرهم الجهاد لاستعادة فردوسهم المفقود, مع استعادة فلسطين والأقصى, واستعادة مثوى البخاري ومسلم, وغيرهم من علماء المسلمين في أرض الاتحاد السوفيتي.