وحديثنا هذه المرة عن جزء عزيز من أراضي الإسلام في أفريقيا، القارَّة الإسلامية السوداء, التي تتعرض لغزو رهيب يستهدف استئصال الإسلام فيها, ابتداءً من حرب العقيدة والفكرة, وانتهاء إلى حرب السفك والإبادة.
وتدليلًا على ذلك نقول:
إن المبشرين قد انتهزوا فرصة ما تتعرَّض له أفريقيا من جفاف في غربها, بعد أن توقَّفت الأمطار عن النزول خمس سنوات متتاليات، ومن تسلُّط الجراد على شرقها, مع زحف كثبان الرمال تغطي الأراضي المستصلحة للزراعة. انتهزوا هذا وذاك ليقدموا المساعدات والأطعمة المقرونة بالدعوة إلى اعتناق النصرانية؛ لأنها دين إغاثة الملهوف وإطعام الجائع، وتجاوزوا ذلك إلى إقامة المستشفيات والمدارس وغير ذلك من الوسائل المستخدمة للدعوة إلى اعتناق النصرانية, وذلك كله في الوقت الذي تقاعست فيه الحكومات الإسلامية, وتخبَّطت فيه المنظمات الإسلامية, وتفرقت بسياسات مرتجلة؛ لتقدِّم للجائعين المصاحف والنشرات ١, فلا تجد إلا نظرات التعجُّب والسخرية والانصراف.
وذلك بالإضافة إلى الغزو الصهيوني الرهيب الذي تتعرَّض له أفريقيا, وقد تَمَّ ذلك بوسائل ثلاثة:
١- الإكثار من دعوة القادة الأفريقيين.
٢- عرض خدماتها في المشاريع المختلفة.
١ ليس ذلك استهانة بالمصحف وقدره, وإنما تأكيد لقدره، وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدلنا على أنَّه إذا جمع بين العِشَاءِ والعَشَاءِ فليبدأ بالعَشَاءِ, فليس من المعقول أن نطلب من بطون أضناها الجوع أن تقرأ المصاحف وتستغني بها عن الطعام.