ذلك الباعث الشخصي، لا بُدَّ أن يكون له تأثيره على فكر ماركس، حقدًا، وإتلافًا وتدليًّا، فإذا أضفنا إليه أنه يهودي من سلالة يهود, انطبعت كل انحرافات اليهود في نفسه، وغذّت ما فيها من حقد وإتلاف وتدلٍّ.
وكل إناء بما فيه ينضح.
فلا عجب إذا حوت الماركسية الحقد، والإتلاف، والتدلي.
أما البواعث الأخرى:
فقد تكون في البيئة التي شجَّعت على نشأة هذا الفكر وعلى انتشاره:
تلك البيئة التي بلغ فيها طغيان الإقطاع الزراعي, ومن بعده الإقطاع الصناعي, أقصى صنوف الاستغلال, والتي بلغ فيها طغيان الكنيسة وافتئاتها على العقول والقلوب أقصى درجات الطغيان، كما بلغ فيها تحلُّل أكثر رجالها أقصى درجات التحلُّل, واستغلالهم الدين لتحقيق الكسب المادي, وفرض الإتاوات, والتحالف مع الإقطاع الحاكم أقصى الدرجات كذلك.
كل ذلك على حساب شعوب أكثرها فقير ومحروم، ويتطلّع إلى الإنقاذ, فيسمع الصيحة الخادعة: "يا صعاليك العالم اتحدوا ...
فأمامكم عالم تغنمونه، وليس في أيديكم ما تفقدونه سوى الأغلال، فينخدع العالم المحروم بالصيحة، ويحسبها صيحة الإنقاذ، تمامًا كما قال رب العالمين:
{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٤ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: ٢٤، ٢٥] .
وهكذا تبدو الشيوعية بخداعها عارضًا ممطرًا؛ فإذا حلّت كانت ريحًا فيها عذاب أليم, تدمر كل شيء ...
وقد ترون في الأفعى التي تخفي رأسها, وتنفث سمومها؛ لتحقق ما تواصت به