للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوَقَفَ فِيهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَمِرَةَ، وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْمُعَرَّفِ، إِذِ الْمُسَارَعَةُ إِلَى الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنَ التَّأْخِيرِ.

وَلِأَنَّ مَوَاقِيتَ الْعِبَادَاتِ إِنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ قَوْلِهِ.

وَإِنَّمَا وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا رَمَى جِمَارَ أَيَّامِ مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَمَا صَلَّى الظُّهْرَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا، وَالْعِبَادَةُ الْمَفْعُولَةُ قَبْلَ وَقْتِهَا لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ الْمَفْعُولَةِ بَعْدَ وَقْتِهَا.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ: " «إِذَا كَانَ عَشِيَّةُ عَرَفَةَ بَاهَى اللَّهُ بِالْحَاجِّ» " فَمَنْ لَمْ يَقِفْ إِلَى الْعَشِيَّةِ لَمْ يُبَاهِ اللَّهُ بِهِ، فَلَا يَكُونُ مِنَ الْحَاجِّ.

وَلِأَنَّ الرَّمْيَ الْمَشْرُوعَ - بَعْدَ الزَّوَالِ -: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِهِ، وَإِنْ جَازَ التَّأْخِيرُ عَنْهُ. فَالْوُقُوفُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَلِأَنَّ الْوُقُوفَ: عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ عَشِيَّةَ الْيَوْمِ، فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَبْلَ الزَّوَالِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ: مَوَاقِيتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، فَجَازَ أَنْ يَجْعَلَهَا اللَّهُ مِيقَاتًا لِلْمَنَاسِكِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ صَدْرِ النَّهَارِ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ». وَقَضَاءُ التَّفَثِ بِالصَّلَاةِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَبِأَنْ يَقِفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، فَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَفَاضَ إِلَى جَمْعٍ فَوَقَفَ بِهَا مَعَ الْإِمَامِ، فَقَدْ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ. وَلَوْ كَانَ وَقْتُ الْإِجْزَاءِ بَعْدَ الزَّوَالِ لَقَالَ: "وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا بَعْدَ الزَّوَالِ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ: بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا فَقَطْ، أَوْ نَهَارًا إِلَى اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>