أَكْبَرِ الْمَنَاسِكِ، وَأَكْثَرِهَا عَمَلًا، وَخَرَجَ ذَلِكَ مِنْهُ مَخْرَجَ الِامْتِثَالِ لِأَمْرِ اللَّهِ بِالْحَجِّ فِي قَوْلِهِ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] وَفِي قَوْلِهِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: ١٩٦]، وَمَخْرَجَ التَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ لِمَعْنَى هَذَا الْأَمْرِ، فَكَانَ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا هَيْئَاتٌ فِي الْمَنَاسِكِ وَتَتِمَّاتٌ، وَأَمَّا جِنْسٌ تَامٌّ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَمَشْعَرٌ مِنَ الْمَشَاعِرِ يُقْتَطَعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَصْلًا، وَبِهَذَا احْتَجَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: " «سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ قَدِمَ بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ: " «وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» ".
وَأَيْضًا: فَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءِ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيَهْدِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ لِلْإِيجَابِ لَا سِيَّمَا فِي الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ، وَفِي ضِمْنِهِ أَشْيَاءٌ كُلُّهَا وَاجِبٌ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute