للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذَكَر ابن عطية الفَرْق بَين القَولَين، فَقَال: الفَرْق بَين هَذين القَولَين: أنَّ الأوَّل يَقْتَضِي أنَّ الكَتْم لا يَنْفَع بِوَجْه، والآخَر يَقْتَضِي أنَّ الْكَتْم لا يَنْفَع، وَقَع أوْ لَم يَقَع، كَمَا تَقُول: هَذا مَجْلِس لا يُقَال فِيه بَاطِل، وأنْتَ تُرِيد لا يُنْتَفَع بِه ولا يُسْتَمع إلَيه.

ثم ذَكَر أقوالًا أخرى في الآية، فَقَال: وقَالَتْ طَائفَة: الكَلام كُلّه مُتَّصِل، ومَعْنَاه: يَوَدّ الذين كَفَرُوا لو تُسَوّى بهم الأرْض ويَوَدُّون أن لا يَكْتُمُوا الله حَدِيثًا، وَوِدُّهم لِذلك إنما هو نَدَم على كَذِبِهم حِين قَالُوا: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ).

وقَالَتْ طَائفَة: هِي مَواطِن وفِرَق.

وقَالَتْ طَائفَة: مَعْنَى الآية: يَوَدّ الذين كَفَرُوا أن تُسَوّى بِهم الأرْض وأنهم لَم يَكْتُمُوا اللهَ حَدِيثًا؛ وهَذا على جِهة الفِدَاء، أي يَفْدُون كِتْمَانَهم بأن تُسَوَّى بِهم الأرْض (١).

وقال في تَفْسِير سُورة الأنْعَام: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) مَعْنَاه: جُحُود إشْرَاكِهم في الدُّنيا. فَرُوي أنهم إذا رَأوا إخْرَاج مَنْ في النَّار مِنْ أهْل الإيمان ضَجُّوا فَيُوقَفُون، ويُقَال لهم: أينَ شُرَكَاؤكُم: فيُنكِرُون طَمَاعِيَة مِنْهم أن يُفْعَل بِهِمْ ما فُعِلَ بأهْل الإيمان (٢).

ثم أوْرَد السُّؤال الذي وَرَد على ابن عباس رضي الله عنهما، وأوْرَد جَوَاب ابن عباس.

وقال في تَفْسِير سُورة الأعْراف: (وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) [الأعراف: ٣٧]: وهَذه الآية ومَا شَاكَلَها تُعَارِض في الظَّاهِر قَوله تعالى حِكَاية عنهم: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)


(١) المحرر الوجيز، مرجع سابق (٢/ ٥٥، ٥٦).
(٢) المرجع السابق (٢/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>