للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الخامس:

اسْتِبْعَاد زَكَريا عليه الصلاة والسلام أن يُرْزَق بِوَلَد:

قَوله تَعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) [آل عمران: ٣٨]، مَع قَوله تَعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [آل عمران: ٤٠] وقَوله تَعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم: ٨].

[صورة التعارض]

الآيَة الأُولى: تَدُلّ عَلى أنَّ زَكَرِيَّا - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - لَيْس لَه شَك في قُدْرَة الله عَلى أن يَرْزُقه الوَلَد عَلى مَا كَان مِنه مِنْ كِبَر السِّن، وقَد جَاء في آيَة أُخْرَى مَا يُوهِم خِلاف ذَلك، وهي قَوله تَعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) الآيَة (١).

[جمع القرطبي]

قال القرطبي في مُبتَدَأ ذلك، وهو سَبَب الدُّعَاء، ومَا كَان مِنْ كَفَالة زَكَرِيّا عَليه الصَّلاة والسَّلام لِمَرْيَم عَليها السَّلام: وكَان زَكَرِيّا إذا دَخَل عليها يَجِدْ عِنْدَها فَاكِهَة الشِّتَاء في القَيْظ، وفَاكِهَة القَيْظ في الشِّتَاء، فَقَال: يَا مَرْيم أنَّى لَكِ هَذا؟ فَقَالَتْ: هُو مِنْ عِنْد الله، فَعِنْد ذَلك طَمِع زَكَرِيّا في الوَلَد، وقَال: إنَّ الذي يَأتِيها بِهَذا قَادِر أن يَرْزُقني وَلَدًا (٢).

وقَال: دَلَّتْ هَذه الآيَة على طَلَب الوَلَد، وهي سُنَّة الْمُرْسَلِين والصِّدِّيقِين. قَال الله تَعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [الرعد: ٣٨].


(١) دفع إيهام الاضطراب، مرجع سابق (ص ٣٥).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٤/ ٧٢).

<<  <   >  >>