للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع قَولِه: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ) [الطارق: ٥، ٦] وقَوله: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق: ٢].

[صورة التعارض]

في الآيَات الأُوَل الإخْبَار عن خَلْق الإنْسَان بِأنه مِنْ طِين، أوْ مِنْ حَمَأ مَسْنُون، وفي الآيَات الأُخَر الإخْبَار بأنه خُلُق مِنْ نُطْفَة ومِن عَلَقَة ومِن مَاء دَافِق.

[جمع القرطبي]

أوْرَد في مَعْنى قَوله تَعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) قوْلَين:

أحَدهما: - وهو الأشْهر وعليه مِنْ الْخَلْق الأكْثَر - أنَّ الْمُرَاد آدَم عليه السلام والْخَلْق نَسْله، والفَرْع يُضَاف إلى أصْلِه، فَلِذَلِك قَال: (خَلَقَكُمْ) بالْجَمْع، فأخْرَجَه مَخْرَج الْخِطَاب لَهم إذْ كانوا وَلَده.

الثاني: أن تَكُون النُّطْفَة خَلَقَها الله مِنْ طِين على الْحَقِيقَة ثم قَلَبها حتى كان الإنْسَان مِنها.

وبيَّن أنَّ كُلّ إنْسَان مَخْلُوق مِنْ طِين ومَاء مَهين، "كَمَا أخْبَر جَلَّ وَعَزّ في سُورة "المؤمنون"، فَتَنْتَظِم الآيات والأحَادِيث، ويَرْتَفع الإشْكَال والتَّعَارُض، والله أعلم" (١).

كَمَا بيَّن في آيَة "الْحِجْر" أنَّ الْمَقْصُود بـ (الْإِنْسَان) هو آدَم عليه السلام، وأنَّ مَعْنَى (مِنْ صَلْصَالٍ) أي: مِنْ طِين يَابِس.

والصِّلْصَال: الطِّين الْحُرّ خُلِط بالرَّمْل فَصَار يَتَصَلْصَل إذا جَفّ، فإذا طُبِخ بِالنَّار فَهو الفَخَّار … وهو قول أكثر الْمُفَسِّرِين.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٣٥٧) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>